ابني لا يحبني ، لماذا يكره الأبناء آبائهم تعرف على الأسباب والحلول
غالباً ما يتوجه الأطفال بعبارات قاسية للوالدين مثل أنا أكرهك ، ابتعد عني ، لا أريدك ، و قد لا يعبرون عن ذلك بشكل صريح بل يقومون بتصرفات تدل على ذلك مثل تجاهل الأهل ، عدم التواجد بالمكان الذي يوجد فيه الوالدين ، محاولة البقاء بالغرفة ، عدم التحدث مع الوالدين ، ولاشك أن ذلك يسبب الإحباط للأهل ، ويجعلهم يشعرون بالعجز ، والكره نحو أنفسهم .
أسباب كره الأبناء للآباء
إن مشاعر الكره التي يعيشها الأبناء ليست فطرية إنما نشأت نتيجة لأسباب معينة قام بها الآباء ومن تلك الأسباب :
أولاً : استخدام العنف في التربية
ممارسة الأبوين لأساليب العنف المختلفة منها العنف الجسدي مثل الضرب والعنف الكلامي مثل الصراخ و توجيه ألفاظ قاسية وشتائم للطفل من أشد الأمور التي ينتج عنها مشاعر غضب مدفونة في داخل الطفل ، مع الوقت تتحول تلك المشاعر إلى حقد وكراهية موجهة نحو الوالدين .
ثانياً : إيذاء الأم من قبل الأب
مشاهدة الطفل والده و هو يؤذي أمه ، يجعله في حالة مزاجية جداً سيئة ، لأن الأطفال يحبون أمهم بشكل فطري ويقدرون محبتها لهم ، وإذا شعروا أن والدتهم بخطر يظنون أنهم أيضاً بخطر و تنتابهم مشاعر خوف من الأب ، تجعلهم ينفرون منه دائماً ، ومع استمرار أذية الأب للأم تتركز في عقول الصغار أن الأب شخص سيء و يبدأون بكرهه .
ثالثاً : انحراف الوالدين
يحب الأطفال والديهم و يرسمون في عقولهم صورة نموذجية عنهم ، كما يعتبر الأولاد آبائهم أشد الناس قوة و أكثرهم أخلاقاً ، فيعتزون بهم ويفتخرون بالحديث عنهم أمام الجميع ، و يعتبرونهم قدوة يحتفون بها ، وبسبب تلك المشاعر العظيمة تجعل أخطاء الآباء جرماً بعين الأولاد ، فيصبح الخطأ المرتكب من قبل الآباء كفيل بأن يهز صورة الولد عن أبيه ، ومع استمرار الخطأ يسقط الآباء من عيون أولادهم بشكل تام ، وهذا ما يجعل الطفل يبتعد ويبدأ بكره أهله .
رابعاً : سخرية واستهزاء الآباء من الأولاد
أي مشاعر يقوم الوالدين بإعطاءها للطفل ولاسيما في سنوات عمره الأولى تبقى عالقة في ذهنه وقلبه ، فإذا كانت تلك المشاعر إيجابية مثل الحب ، القبول ، الحماية تساهم في جعل شخصية الطفل تنمو بشكل سليم ، أما إذا قدم الوالدين مشاعر سخرية من قدرات الطفل أو مظهره أو الاستهزاء برغباته ، وإطلاق الألفاظ السيئة عليه ، بهدف الدعابة والتسلية ، فقد تتحول علاقة الطفل بوالديه إلى علاقة شديدة التأزم يكثر فيها المشاكل و يكبت الطفل فيها مشاعر حقد وكراهية نحو أهله .
خامساً : إهمال الآباء لأولادهم
عدم اهتمام الأهل لأولادهم ، وعدم السؤال عن أحوالهم ، وكذلك عدم الاكتراث لمشاعر الأولاد وحاجاتهم ورغباتهم ، من أقوى الأسباب التي تجعل الأبناء يكرهون الآباء ، لأن تلك الأفعال تسبب أحساس الأبناء بالوحدة وعدم وجود أحد يحميهم ويدعمهم ،ومع مرور الوقت تتحول تلك المشاعر لقسوة و جفوة في قلبهم نحو آبائهم .
سادساً : التفريق بين الإخوة
عادةً ما يقوم الآباء بالتفريق بين أبنائهم دون إدراك ما يترتب على ذلك ، فيفرقون بين الابن الأكبر والأصغر ، أو يهتمون برغبات الابن وينسون رغبات البنت ، يصدقون ابن ويكذبون الآخر ، مع تكرار تلك الأفعال سيبدأ الأبناء يشعرون بأن أهلهم ظالمين وتتولد لديهم مشاعر بغض و كره نحو الآباء .
سابعاً : الجفوة في التعامل مع الأبناء
ويقصد بالجفوة هي المعاملة القاسية ، التي لا يكون فيها عاطفة ولا شفقة ، لا يحاول فيها الآباء حضن أبنائهم أو التربيت على أكتافهم أو تقبيلهم ، معتقدين بأن تلك المعاملة ستجعل الأبناء أقوياء و قادرين على حل المصاعب ، ولكن نتائج تلك الأفعال عكسية تماماً فهي تنشأ شخصية هشة من الداخل وسهلة الاستغلال ، و يكون الابن نتيجة لذلك على اعتقاد تام بأن سبب متاعبه بالحياة جفوة أبويه .
ثامناً : أخذ القرارات المصيرية بدلاً عنهم
مثل ماذا يدرسون ، وفيما يختصون ، ومن يتزوجون ، ورفض السماع لرغباتهم وأحلامهم ، وتقييد حريتهم بشكل قاسي ، كل ذلك سيجعل الأبناء يكرهون آبائهم ويخلقون أي حجة لبدء حياة بعيدة عن الأهل يمارسون فيها الأنشطة التي تحلو لهم .
تاسعاً : طلاق الوالدين
تعد تجربة الطلاق من أقسى التجارب التي تمر على الأبناء ، وتجعلهم يشعرون بنقص من الداخل وبأنهم أقل من الآخرين ، كما تجعلهم يرون آبائهم على أنهم أنانيين ضحوا بأمان وسعادة الأسرة مقابل سعادتهم ، وقد تدوم مشاعر الكره بسبب الطلاق إلى الأبد وقد تنتهي بعد مدة زمنية من الطلاق وذلك تبعاً للأحداث التي تليه .
عاشراً : التقليل من شأن الأبناء
ينتظر الابن من أبيه التشجيع والتحفيز على الأفعال التي يقوم بها ، وعندما يقوم بفعل شيء جيد يكون بكامل الحماس لمعرفة رأي أبويه ، فإذا كان رأي الأبوين ساخر وأظهروا عدم المبالاة ، أو قاموا بمقارنة فعله مع أحد آخر للتقليل من شأن فعله ، تجعل الابن يدخل في حالة من الإحباط والحزن ، وتجعله يفقد الرغبة من معرفة أهله لأفعاله وتجاهل رأيهم ، ومع الوقت تتحول مشاعر الابن لكره و بُعد .
نصائح لتقوية علاقة الآباء بالأبناء
ينتاب الآباء مشاعر عجز وانكسار إذا شعروا بكره أبنائهم لهم ، لأنهم لا يعرفون إذا ما كانت تلك المشاعر قابلة للتغيير أو أنها ستبقى إلى الأبد ، ولمعرفة ذلك يجب عليهم تحسين العلاقة بين الأبناء وهناك بعض النصائح التي تساعد في ذلك منها :
- الاستماع إليهم و معرفة المشاكل التي يعانون منها ، وعدم التقليل من تلك المشاكل ، لأن المشاكل البسيطة في عالم الآباء قد تكون كارثة بالنسبة للأبناء .
- التواجد في حياتهم بشكل دائم ، مثل الذهاب معهم إلى المدرسة للسؤال عنهم ، معرفة أصدقائهم ، اصطحابهم إلى النادي ، فالأبناء يشعرون بالفخر نتيجة تلك التصرفات البسيطة ويشعرون بمدى أهميتهم .
- اللعب مع الأبناء ، مهما بلغ عمر الابن سوف يستمتع عند قضاء وقت مع أبويه للممارسة اللعب والتسلية . لأن ذلك سوف يربط مشاعر السعادة لديه بتواجد أبويه ومع الوقت تتحول ممارسة اللعب مع أبويه من وقت ممتع إلى حاجة ضرورية .
- القيام بتفاصيل مميزة في علاقة الآباء بالأبناء ، مثل خروج الأب مع ابنه كأصدقاء لتناول وجبة طعام ، أو شراء الأب هدية لابنه دوم مناسبة وإرفاقها بعبارة حب ، أو مفاجأته بشيء يرغب به ، تلك الأفعال آثرها كبير في قلب الابن تجعله يبادر أبويه بالكثير من الحب .
- احترام رغباتهم وآرائهم وعدم التقليل منها حتى ولو كانت لا تعجب الآباء .
- تشجيع الأبناء عند قيامهم بأفعال جيدة ، وتحفزيهم لضمان المزيد من تلك الأفعال.
- التواجد أثناء أزماتهم ، قد يعيش الأبناء أزمات قاسية يكونون فيها بانتظار الدعم من آبائهم ، وتقديم الآباء لذلك الدعم يجعل الأبناء بحالة من الامتنان لوجود الأهل .
إن تقرب الأهل من أبنائهم و إدراك اختلافهم واحترام هذا الاختلاف يساعد في التمتع بحياة هادئة مليئة بالحب . ويجب على الآباء عدم الملل من التقرب من أبنائهم حتى ولو أظهر الأبناء رغبتهم بالابتعاد عن الآباء ، ولابد من إيمان الآباء بأن مشاعر الأبناء ستتغير مع الوقت ومع أدخال عادات إيجابية جديدة للعلاقة.