اضطراب الشخصية المرتابة

يعد اضطراب الشخصية المرتابة أحد اضطرابات الشخصية التي يمكن أن يصاب بها الأفراد ، والتي تتسم بالشك والتوتر والتعامل السلبي مع الآخرين ، ويعتبر هذا الاضطراب من الاضطرابات النفسية الخطيرة التي تؤثر على حياة الأفراد بشكل كبير.

يعاني الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب من صعوبة في التعامل مع الآخرين ، ويكونون متشائمين بشأن نوايا الآخرين تجاههم ، ويميلون إلى الشك وعدم الثقة بهم ، ويشعرون بالتوتر الشديد في العلاقات الاجتماعية والحياة الشخصية.

اضطراب الشخصية المرتابة

اضطراب الشخصية المرتابة أو البارانودي أو الزوراني أو اضطراب الشخصية المصحوب بجنون العظمة (Paranoid Personality Disorder) ، هو اضطراب في الشخصية ، يتسم بالشك والتوتر المستمرين ، والتصورات الخاطئة بشأن نوايا الآخرين ، وعدم الثقة بهم ، والانفصالية والانعزالية ، والحاجة المستمرة للتحكم في الآخرين. كما يميل الأفراد المصابون بهذا الاضطراب إلى التعامل بشكل سلبي مع الآخرين ، ويتجنبون الاحتكاك الاجتماعي ، ويمكن أن يتسبب هذا الاضطراب في مشاكل في الحياة الاجتماعية والعملية والعائلية.

أعراض اضطراب الشخصية المرتابة

يتميز اضطراب الشخصية المرتابة بمجموعة من الأعراض التي تؤثر على الأفراد المصابين به ، وتشمل هذه الأعراض التالي :

  • الشك والتوتر المستمر : حيث يشعر الفرد المصاب بالاضطراب بالشك والتوتر المستمرين من الآخرين ، حيث يشكك في نوايا الآخرين تجاهه ويعتقد بأنهم يحيكون المؤامرات ضده أو ينوون خيانته.
  • الحاجة الملحة للتحكم : حيث يحتاج الفرد المصاب إلى التحكم بكل شيء ، ويشعر بالقلق الشديد إذا فقد السيطرة على الأمور.
  • عدم الثقة بالآخرين : يتمثل ذلك بعدم ثقته بكلامهم أو أفعالهم ، والخوف من أن يعرفوا عنه معلومات ويستخدموها ضده.
  • الانفصالية والانعزالية : يميل المصاب إلى الانفصال والانعزال عن المجتمع ، ولا يكون لديه رغبة في الاحتكاك الاجتماعي.
  • صعوبة التعبير عن المشاعر : حيث يواجه المصاب صعوبة في التعبير عن مشاعره وانفعالاته ، ويميل إلى الانطواء والتحفظ.
  • التصورات الخاطئة : بشأن نوايا الآخرين تتمثل بتخيله أن الآخرين يحاولون إيذائه أو التأثير عليه بطرق سلبية.
  • الانتباه المفرط للتفاصيل والقواعد : حيث يتمسك بالتفاصيل حتى في الأمور الصغيرة.

أسباب اضطراب الشخصية المرتابة

لا يوجد سبب دقيق و واضح يؤدي إلى إصابة الشخص باضطراب الشخصية المرتابة ، لكن هناك عدة عوامل  يمكن أن تزيد من خطر الإصابة أو تكون سبباً لهذا الاضطراب ، هذه العوامل هي ما يلي :

  • العوامل الوراثة : يعتقد العلماء أن الجينات قد تلعب دوراً في ظهور اضطراب الشخصية المرتابة ، حيث أن الأشخاص الذين لديهم أقارب يعانون من هذا الاضطراب يكونون أكثر عرضة للإصابة به.
  • التجارب السلبية في الطفولة : حيث يمكن أن تؤدي التجارب السلبية في الطفولة، مثل الإهمال أو الإساءة ، إلى تطور هذا الاضطراب في المستقبل.
  • البيئة الاجتماعية : يمكن أن تلعب العوامل الاجتماعية ، مثل العزلة والتوتر الاجتماعي والتحفظ ، دوراً في تطور هذا الاضطراب.
  • العوامل النفسية : يعتقد العلماء أن العوامل النفسية ، مثل الشعور بالتوتر المستمر أو التشكيك أو الخوف ، يمكن أن تؤدي إلى تطور هذا الاضطراب.
  • العوامل البيولوجية : حيث أشارت الدراسات إلى أنه يمكن أن تلعب العوامل البيولوجية ، مثل التغيرات الكيميائية في الدماغ أو الاختلالات الهرمونية ، دوراً في تطور هذا الاضطراب.

تأثير اضطراب الشخصية المرتابة على الآخرين

يمكن أن يكون لاضطراب الشخصية المرتابة تأثير سلبي على الآخرين ، وذلك نظراً للسلوكيات العدائية والانطوائية التي يمكن أن يظهرها الشخص المصاب بهذا الاضطراب. ومن بين التأثيرات السلبية التي يمكن أن يتسبب بها هذا الاضطراب على الآخرين ، التالي :

  • العنف والعدوانية : حيث يمكن الأشخاص المصابين أن يظهروا سلوكيات عدوانية ومتطرفة ، وهذا يمكن أن يؤدي إلى إصابة الآخرين بأضرار جسدية ونفسية.
  • الشك والتحفظ : يعاني المصابون بهذا الاضطراب من الشك والتحفظ الدائمين تجاه الآخرين ، وهذا يمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة ومشاكل في العلاقات خاصة العلاقة الزوجية.
  • الإهمال والانطواء : يميل الأشخاص المصابين إلى الانطواء والعزلة ، وهذا يمكن أن يؤدي إلى إهمال وعدم الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية.
  • الإصابة بالإحباط والإجهاد : يمكن للآخرين الذين يتعاملون مع الشخص المصاب أن يشعروا بالإحباط والإجهاد نتيجة للسلوكيات العدوانية والتحفظية التي يظهرها هذا الشخص.
  • الضغط النفسي : يمكن للآخرين الذين يتعاملون مع الشخص المصاب أن يشعروا بالضغط النفسي والتوتر نتيجة للسلوكيات العدوانية والتحفظية التي يظهرها هذا الشخص.

مضاعفات اضطراب الشخصية المرتابة

يمكن أن يؤدي اضطراب الشخصية المرتابة إلى تداعيات سلبية على حياة الفرد وعلى العلاقات الاجتماعية له ، تشمل  المضاعفات المحتملة التالي :

  • الانطواء والعزلة الاجتماعية : وهذا يؤدي إلى عدم تكوين علاقات اجتماعية صحية ومفيدة.
  • القلق والتوتر المستمر : وهذا يؤثر على جودة حياته ويمكن أن يؤدي إلى إصابته بالاكتئاب.
  • العنف والعدوانية : وهذا يؤدي إلى أضرار جسدية ونفسية للشخص وللآخرين.
  • الإدمان على المخدرات والكحول : حيث يمكن أن يلجأ بعض المصابين إلى تعاطي المخدرات والكحول كوسيلة لتخفيف حدة القلق والتوتر.

الوقاية من اضطراب الشخصية المرتابة

لا يوجد طرق وقاية محددة لاضطراب الشخصية المرتابة ، ولكن يمكن اتباع بعض النصائح والإجراءات التي قد تساعد على تقليل خطر الإصابة بهذا الاضطراب ، تشمل :

  • التعرف على علامات الاضطراب : يمكن تقليل خطر الإصابة عن طريق التعرف على العلامات والأعراض المرتبطة بهذا الاضطراب ، وعند المعاناة منها يجب الذهاب إلى الطبيب النفسي مباشرةً.
  • الحفاظ على الصحة النفسية : وذلك عن طريق الاسترخاء وممارسة التأمل والتمارين الرياضية وتناول غذاء صحي.
  • التعامل بشكل صحيح مع التوتر اليومي : وذلك عن طريق تحديد الأولويات وتعلم الاسترخاء والتحدث مع الأشخاص الذين يمكنهم تقديم الدعم.
  • تجنب المخدرات والكحول : حيث أن التعاطي المفرط لهذه المواد يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بهذا الاضطراب.

تشخيص اضطراب الشخصية المرتابة

يتم تشخيص اضطراب الشخصية المرتابة عن طريق تقييم الأعراض والسلوكيات الخاصة بالشخص ، ويتم ذلك عادةً عن طريق مقابلة الشخص وإجراء فحص نفسي وتقييم السيرة الذاتية للشخص ، وقد يتطلب ذلك عدة جلسات.

يجب الإشارة إلى أن التشخيص يحتاج إلى تقييم دقيق من قبل متخصص في الصحة النفسية ، ولا يمكن تشخيص الاضطراب بناءً على عدة أعراض معينة دون إجراء التقييم اللازم.

علاج اضطراب الشخصية المرتابة

لا يوجد علاج نهائي لاضطراب الشخصية المرتابة ، ولكن يمكن العمل على تحسين الأعراض والسلوكيات المصاحبة للحد من التأثير السلبي على حياة الشخص وعلاقاته الاجتماعية والعائلية. وبشكل عام ، تشمل العلاجات التي يمكن استخدامها لعلاج اضطراب الشخصية المرتابة :

1- العلاج النفسي

يتم استخدام العلاج النفسي لمساعدة الشخص المصاب بهذا الاضطراب على التعامل مع الأعراض والسلوكيات المصاحبة للحد من التأثير السلبي على حياته وعلاقاته الاجتماعية والعائلية. ويمكن استخدام أنواع مختلفة من العلاج النفسي ، تشمل :

  • العلاج السلوكي المعرفي : يركز هذا العلاج على تغيير الأنماط السلوكية والأفكار السلبية التي تؤثر على حياة الشخص المصاب. ويتضمن هذا العلاج عادةً مجموعة من التقنيات والأساليب مثل التعرف على الأفكار الخاطئة واستبدالها بأفكار إيجابية ومساعدة الشخص على تعلم المهارات الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي بشكل أفضل.
  • العلاج الانفعالي الداعم : يركز هذا العلاج على مساعدة الشخص المصاب على التعامل مع الأحاسيس السلبية والتحديات النفسية التي يواجها. ويتضمن عادةً مجموعة من التقنيات والأساليب مثل تحليل الأحداث والتعرف على الأحاسيس والتعامل معها بشكل سليم.

2- العلاج الدوائي

يمكن استخدام الأدوية لتخفيف بعض الأعراض النفسية المصاحبة لاضطراب الشخصية المرتابة ، مثل القلق والتوتر والاكتئاب. ويجب أن يتم استخدام الأدوية بحذر وتحت إشراف الطبيب ، حيث أن بعض الأدوية يمكن أن تسبب آثار جانبية خطيرة. ومن هذه الأدوية :

  • مضادات الاكتئاب : يمكن استخدام هذه الأدوية لتخفيف الأعراض المصاحبة للاضطراب مثل الاكتئاب والتوتر.
  • مضادات القلق : يمكن استخدامها لتخفيف الأعراض المصاحبة للاضطراب مثل القلق والتوتر والخوف المرتبط بهذا الاضطراب.

كيفية التعامل مع الشخصية المرتابة

تعد الشخصية المرتابة من الاضطرابات النفسية التي يصعب التعامل معها ، حيث يمكن أن تؤثر على علاقات الشخص بالآخرين وتسبب العديد من المشاكل الاجتماعية والعائلية. ومن أجل التعامل مع الشخصية المرتابة ، يمكن اتباع بعض الخطوات العملية ، منها :

  1. التعامل بشكل هادئ وودود : يجب الابتعاد عن المواجهة المباشرة مع الشخص المرتاب ، وبدلاً من ذلك ينبغي التعامل معه بشكل هادئ وودود ، وتجنب التحدث بطريقة مهاجمة أو متهمة.
  2. وضع حدود شخصية : يجب وضع حدود للعلاقة مع الشخص المرتاب ، والتأكد من أنه يفهم الحدود التي لا يجب تجاوزها.
  3. البقاء هادئاً في المواقف الصعبة : يجب تجنب الرد بشكل عاطفي في المواقف الصعبة مع الشخص المرتاب ، وبدلاً من ذلك ينبغي البقاء هادئاً والتحدث بشكل واضح ومباشر.
  4. تشجيع الشخص المرتاب على العلاج : يجب تحفيز الشخص المرتاب على البحث عن العلاج اللازم لمساعدته على التغلب على الأعراض المرتبطة بالاضطراب.
  5. الحصول على الدعم النفسي : ينبغي للأشخاص الذين يتعاملون مع الشخص المرتاب الحصول على الدعم النفسي اللازم للتعامل مع المشكلات النفسية والعاطفية المصاحبة لهذا النوع من الاضطرابات. ويتم الحصول على الدعم النفسي من خلال زيارة أخصائي أو طبيب نفسي.
زر الذهاب إلى الأعلى