التبول اللاإرادي ، علاج التبول اللاإرادي

يقصد بالتبول اللاإرادي تكرار نزول البول لا إرادياً في الفراش من قبل الطفل في سن الرابعة وما فوق. أو عدم قدرة الطفل العادي على التحكم في عملية التبول في سن ينتظر منه أن يكون قد تعود على ضبط جهازه البولي.

التبول اللاإرادي

تشير هذه الظاهرة إلى ضعف قدرة الطفل على ضبط عمليات المثانة وعدم قدرته على التحكم فيها حتى يذهب إلى الحمام وإفراغ المثانة إرادياً.

ويرى العالم بيلر أن التبول اللاإرادي هو حالة من التفريغ اللاإرادي للمثانة ليلاً عند طفل يزيد عمره عن ثلاث سنوات ونصف بمعدل لا يقل عن مرتين في الأسبوع من غير أن تظهر عنده أسباب عضوية واضحة.

وحالة التبول اللاإرادي كثيرة الشيوع عند الأطفال الذين يعانون من بعض المشاكل العاطفية والانفعالية. كما تظهر عند غيرهم ممن لا يعانون من هذه المشاكل. وقد يحدث التبول اللاإرادي في الليل وقد يحدث في النهار وقد يكون في الليل والنهار معاً.

وقد يكون التبول اللاإرادي متصلاً أي منذ الولادة وقد يكون متقطعاً ، فقد يحقق الطفل نجاحاً لمدة ثلاث أشهر في انقطاعه عن التبول اللاإرادي ، إلا أنه يعود إلى التبول اللاإرادي مرة أخرى. وتشير الدراسات إلى أن ثمانين بالمئة من الأطفال هم من نوع المتبولين لا إرادياً بشكل متصل.{1}

نسبة انتشار التبول اللاإرادي

مع التقدم في العمر تقل نسبة حدوث التبول اللاإرادي ، ففي سن خمس سنوات قد تكون النسبة من 15 إلى 20 بالمئة ، بينما الأطفال الأكبر من خمس سنوات قد تكون النسبة سبعة بالمئة عند الأولاد ، وثلاث بالمئة عند البنات ، وفي سن عشر سنوات تصبح النسبة ثلاث بالمئة للأولاد ، واثنين بالمئة للبنات ، أما البالغين تصبح النسبة واحد بالمئة تقريباً.

كما تقل معدلات حالات التبول اللاإرادي بتقدم العمر حيث ينتشر بنسبة 82 بالمئة في سن السنتين ، ونسبة 49 بالمئة للثلاث سنوات ، و 26 بالمئة لأربع سنوات ، و7 بالمئة لخمس سنوات ، ويستطيع معظم الأطفال أن يتحكموا في المثانة بدخولهم المدرسة عدا اللذين توجد لديهم مشكلات جسمية أو نفسية تستوجب علاجاً.{2}

أنواع التبول اللاإرادي

ينقسم التبول اللاإرادي إلى نوعين رئيسيين :

1. التبول اللاإرادي الأولي

وفيه يصل المريض لعمر أربع سنوات ولا يستطيع أبداً التحكم في إخراج البول. ومن أهم أسبابه : خلل في إفراز الهرمون المضاد للإبالة ، وجود تشوهات خلقية بالجهاز البولي ، عدم اكتمال نمو بعض الفقرات القطنية أو العجزية.

2. التبول اللاإرادي الثانوي

يحدث هذا النوع بعد مرور ثلاث إلى ستة أشهر متصلة من القدرة على التحكم في إخراج البول ، يعود الطفل للتبول على نفسه. ولا يعتبر التبول اللاإرادي الثانوي مرضاً إلا إذا حدث مرتين على الأقل أسبوعياً لمدة ثلاث شهور متتالية.

ويقسم هذا النوع بدوره إلى نوعين. هما ما يلي :

1. التبول اللاإرادي الليلي

يصيب هذا النوع الذكور اكثر من الإناث ، وتكاد تنحصر أسبابه في : إما عدوى القناة البولية ويتم استبعادها بتحليل البول ، أو أسباب نفسية سلوكية.

2. التبول اللاإرادي النهاري

يكثر في الإناث عن الذكور ، ومن أهم أسبابه : عدوى القناة البولية ، تأخير التبول حتى اللحظة الأخيرة ، مرض السكري ، الضغط العصبي الشديد.{3}

أسباب التبول اللاإرادي

هناك مجموعة أسباب مختلفة تكون وراء حدوث التبول اللاإرادي لدى الأطفال ، منها ما هو عضوي ، ومنها ما هو نفسي. وقد يتفاعل أكثر من سبب واحد في تطور هذا الاضطراب ، ويمكن إجمال هذه الأسباب بما يلي :

1. الأسباب الفسيولوجية العضوية

  • فقر الدم وزيادة تركيز مادة التوكسين في الجسم.
  • خلل في النمو التكويني أو الوظيفي في أحد أعضاء الجهاز التناسلي.
  • خلل في الأداء الوظيفي في للجهاز العصبي الذي يتحكم بعمليات التبول.
  • الالتهابات مثل التهاب المثانة والحالب والمستقيم والكلى أو وجود الحصى في الكلى والتهاب اللوزتين والزوائد الأنفية.
  • صغر حجم المثانة وعدم اكتمال نموها.
  • الإصابة ببعض الأمراض مثل مرض السكري ، واضطراب عمل الغدة النخامية والأمراض المعوية التي تسببها الديدان والطفيليات مثل الأكسيوروس والانكلستوما والبلهارسيا وغيرها.
  • وجود تشوهات في العمود الفقري وخصوصاً الفقرات القطنية مما يتسبب بحدوث ضغط على الأعصاب المسيطرة على عمل المثانة.
  • الإصابة ببعض الاضطرابات والأمراض العصبية مثل حالات الصرع.
  • الخلل أو النقص في إفراز بعض الهرمونات مثل الأنسولين والهرمون المعروف باسم anti diurtic والذي يتحكم بعملية البول.

2. الأسباب الوراثية

تشير الإحصائيات إلى أن 75 بالمئة من الأطفال الذين يعانون من التبول اللاإرادي ينحدرون من آباء وأمهات كانوا يعانون من هذا الاضطراب. وتظهر نتائج بعض الدراسات الأخرى وجود علاقة ارتباطية بين تبول الأطفال وتبول إخوانهم ضمن الأسرة أو العائلة الواحدة.

3. الأسباب الاجتماعية والتربوية

  • انتقال الأسرة إلى مسكن جديد.
  • تقصير الوالدين وعجزهم عن تدريب الطفل على ضبط عملية التبول أو بسبب عدم المبالاة في مراقبة الطفل أو إيقاظه أثناء الليل وإرشاده للذهاب إلى الحمام.
  • الإفراط والمبالغة في التدريب على عملية الإخراج والتبول من قبل الوالدين.
  • الخلافات العائلية وتفكك الأسرة وكذلك الصراعات والشجار داخل الأسرة أمام الأبناء.
  • وفاة أحد الأشخاص المقربين للطفل.
  • التدليل والتسامح الزائد عندما يتبول الطفل مما يعزز هذا السلوك لديه لاحقاً.

4. الأسباب النفسية

تكاد تكون الأسباب النفسية من أكثر العوامل التي تؤدي إلى تطور التبول اللاإرادي عند الأطفال ، وتتمثل هذه الأسباب بما يلي :

  • الغيرة الشديدة نتيجة لوجود منافس للطفل داخل الأسرة أو بسبب قدوم مولود جديد ، مما يولد سلوك الغيرة لديه ويحاول لفت انتباه والديه.
  • فقدان الشعور بالأمن ، والقلق وكثرة الإحباطات والصراعات.
  • سوء علاقة الطفل بأمه وإهمالها أو تقصيرها في إشباع حاجات الطفل.
  • الحرمان العاطفي من جانب الوالدين.
  • التهديد والعقاب الشديد من قبل الوالدين مثل الضرب والتوبيخ.
  • الخوف من الظلام أو الحيوانات أو الأفلام والأشباح والصور المرعبة.
  • قلق الانفصال والخوف من فقدان أو الابتعاد عن أحد الوالدين.
  • الإفراط في أساليب رعاية وحماية الطفل مما يؤدي إلى تدني ثقة الطفل بنفسه ورفع مستوى الاعتمادية على الآخرين لديه.{4}

مواجهة التبول اللاإرادي

لمواجهة مشكلة التبول اللاإرادي يجب على الأهل أولاً ما يلي :

  • على الأهل أن يتأكدوا أن الطفل لا يعاني من اضطرابات انفعالية.
  • التأكد أن الطفل لا يخاف من الشجار والضجيج في البيت.
  • على الأهل عدم اتخاذ المواقف الصارمة أو الإذلال والاحتقار ، ولا حتى بالهداية والرشاوي.
  • على الأهل إعلام الطفل أن هناك أمل كبير في التخلص من التبول اللاإرادي ، لذا على الأهل استبدال الخوف والخجل والعواطف المضطربة والإحساس بالذنب عند الطفل بالشجاعة والثقة بالذات.
  • على الأهل إيقاظ الطفل في الليل وأخذه إلى الحمام.
  • على الأهل تعزيز الطفل ومدحه عند استيقاظه دون أن يبلل فرشته وملابسه.

علاج التبول اللاإرادي

بعد فحص الطفل جسمياً عند الطبيب والتأكد من عدم وجود أسباب عضوية تؤدي إلى التبول اللاإرادي. يتم العلاج من خلال ما يلي :

  • عدم إهمال الطفل وتدريبه على عملية ضبط المثانة في الوقت المناسب ، حيث يجب إيقاظ الطفل ليلاً لدفعه للذهاب إلى الحمام.
  • توجيهه لضرورة الذهاب للحمام قبل النوم.
  • عدم تخويفه وإراحته نفسياً ، والبحث عن العوامل النفسية التي أدت إلى القلق والتوتر.
  • بث الثقة بالنفس والإيحاء له بأنه يستطيع السيطرة على عمليات التبول اللاإرادي.
  • تقليل تناوله السوائل قبل النوم.

العلاج النفسي

1. التشجيع الإيجابي

كأن توضع مفكرة خاصة لتطور الطفل في السيطرة على تبوله ، وتشجيعه على الذهاب إلى الحمام قبل النوم ،وجعله يسهم في تنظيف الشراشف والملابس المبلولة صباحاً ، ومنعه من تعاطي أي سوائل لمدة ساعتين إلى أربع ساعات قبل النوم.

إن نسبة الشفاء التام بهذه الطريقة تتراوح بين 25 إلى 30 بالمئة. يجب اتباع هذه الطريقة كمرحلة أولى عند الأطفال الصغار ، وإذا لم تؤدي إلى نتيجة إيجابية خلال 3 إلى 6 أشهر فإنه يجب عندها الاتجاه إلى طريقة أخرى.

2. العلاج السلوكي

وذلك باستعمال منبه خاص يكون على هيئة جهاز صغير يلبس فوق ملابس الطفل مباشرة وفيه متحسس ارتجاجي يصدر أصواتاً عندما تبل قطرات البول الملابس الداخلية.

وتقدر نسبة شفاء الأطفال المصابين بالتبول اللاإرادي من خلال تطبيق العلاج النفسي بحوالي 60 إلى 70 بالمئة ، وهي الأعلى بين نسب الشفاء في العلاجات الأخرى. ولكنها قد تستغرق وقتاً طويلاً وتحتاج إلى تعاون وصبر من قبل الطفل وذويه.

العلاج الدوائي

ويتم من خلال أخذ عقاقير مثل الدسموبريسين والأوكسيبيوتينين ، ومن المهم التأكيد أن التبول اللاإرادي الليلي عند الأطفال هو حالة لا تتسبب بأية أضرار سوى التعب النفسي ، وليس لها أية آثار عضوية.{5}

المراجع

  1. [ د. أحمد محمد الزعبي / الأمراض النفسية / دار زهران للنشر والتوزيع / عمان / الطبعة الأولى / 2013 / ص 110 ]
  2. [ د. أسامة فاروق مصطفى م مدخل إلى الاضطرابات السلوكية والانفعالية / دار المسيرة للنشر والتوزيع / عمان / طبعة أولى / 2011 / ص 222 ]
  3. [ د. وائل بيومي السباعي / الاضطرابات السلوكية والعصبية عند الأطفال / العربي للنشر والتوزيع / القاهرة / الطبعة الأولى / 2010 / ص 104 ، 105 ]
  4. [ د. عماد عبد الرحيم الزغلول / الاضطرابات الانفعالية والسلوكية لدى الأطفال / دار الشرق للنشر والتوزيع / عمان / 2006 / ص 128 ، 129 ]
  5. [ د . ماجدة السيدة عبيد / الاضطرابات السلوكية / دار صفاء للنشر والتوزيع / عمان / الطبعة الأولى / 2015 / ص 272 ، 273 ]
زر الذهاب إلى الأعلى