تعريف الخجل ، علاج الخجل والوقاية منه

تستخدم كلمة الخجل في الأحاديث اليومية المعتادة للإشارة إلى الشعور بالضيق والانزعاج وعدم الراحة في المواقف الاجتماعية. وليس لهذه الكلمة معنى دقيق محدد ، فهي تتضمن معاني الحذر والاحتراس والجبن والكف عن السلوك.{1}  وفي ما يلي سوف نتناول كل ما يتعلق بالخجل وطرق التخلص منه.

تعريف الخجل

تباينت وجهات النظر الخاصة بمفهوم الخجل نظراً لطبيعته المركبة. وهناك الكثير من التعريفات والمفاهيم التي قدمت سوف نذكر منها ما يلي :

  • عرف السبيعي الخجل بأنه حالة انفعالية قد يصاحبها الخوف عندما يخشى الفرد الموقف الراهن المحيط به.{2}
  • وعرفه عاقل على أنه حالة من حالات العجز عن التكيف مع المحيط الاجتماعي.{3}
  • وأشار الشناوي للخجل بأنه يقع على طرف خط متدرج تقع المكابرة على طرفه الآخر وكلتاهما صفتان مذمومتان ، على حين يقع الحياء في وسطه وهو صفة كريمة.{4}
  • ويرى الساكت أن الحياء وسط بين الخجل والوقاحة ، وهو من الفضائل التي تنظمها العفة وليس الجبن منه في شيء والخجل : حيرة النفس لفرط الحياء ، والوقاحة : لجاج النفس في تعاطي القبح.{5}
  • ويعرف جونر وآخرون الخجل بأنه استجابات تدل على عدم الراحة والكف والقلق والتحفظ في وجود الآخرين ، ويؤكدون على أن الخجل يتعلق بشكل أساسي بالتهديد في المواقف الاجتماعية الشخصية.{6}

ومما سبق يتضح لنا أن جميع التعريفات أكدت على أهمية المواقف الاجتماعية بوصفها المثير الأساسي لردود الأفعال التي تتسم بالخجل. كما أن خبرة الخجل تتميز بعدم الراحة والتوتر ، كما أنها مشبوهة بالقلق والارتباك ، وأن الشخص الخجول يتصف بقلة الاستجابات التفاعلية أثناء وجوده مع الآخرين وهذا منافي لطبيعة الإنسان الاجتماعية.

الفرق بين الحياء والخجل

يظهر الفرق بين هذين المصطلحين من خلال الأمور التالية :

1. الطبيعة الانفعالية : حيث يعتبر الخجل من الانفعالات البسيطة التي تظهر في حياة الإنسان في وقت مبكر جداً{7} أما الحياء فيعتبر أحد الانفعالات المركبة التي يعتبر الخجل أحد مكوناتها.{8}

2. الإرادة : تلعب الإرادة دوراً في اتصاف الإنسان إما بالخجل أو بالحياء ، فإذا كان الإنسان يتصف بالخجل فمن المفترض أن يعمل وبإرادة قوية على التخلص من الخجل ، حتى أن كثيراً من الآراء والأفكار العلاجية تؤكد دور الإرادة في التخلص من الخجل ، إذا كان الإنسان يسعى إلى اكتساب الحياء فإن ذلك يتطلب منه وبإرادته أن يقوم بأفعال وسلوكيات معينة حتى يصل إلى الحياء.{7}

3. طبيعة الموقف : اتضح من خلال هدى الإسلام المفسر للخجل أهمية أخذ الموقف المثير للحياء بعين الاعتبار فمع تأكيد الإسلام على أهمية اتصاف الإنسان بالحياء في كثير من مواقف الحياء ، إلا أن هنالك بعض المواقف التي يجب ألا يسيطر الحياء فيها على الإنسان ، مثل مواقف قول الحق أو طلب العلم أو السعي وراء الرزق أو أي موقف آخر. فإذا استحى الإنسان فإن حياءه ليس في محله لأنه حياء مذموم فيه زيادة عن الحد المعتبر شرعاً وهو الذي تم التوصل من خلال هدي الإسلام إلى أنه يعني الخجل.{9}

مكونات الخجل

هناك أربع مكونات للخجل وهي ما يلي :

  1. المكون الانفعالي : يظهر من خلال تنبيه الأحاسيس النفسية التي تدفع الفرد إلى استجابة التفادي والانسحاب بعيداً عن مصدر التنبيه.{10} كخفقان القلب واحمرار الوجه وبرودة اليدين.
  2. المكون المعرفي : وهذا المكون يتمثل بالانتباه المفرط للذات ، والوعي الزائد بالذات وصعوبات في الإقناع والاتصال.{11}
  3. المكون السلوكي : نقص السلوك الظاهر ويركز على الكفاءة الاجتماعية للأشخاص الخجولين ويتصفوا بنقص في الاستجابات السوية.{6}
  4. المكون الوجداني : ويتمثل في الحساسية ، وضعف الثقة بالنفس ، واضطراب المحافظة على الذات.{11}

أسباب الخجل

ترجع الإصابة بالخجل إلى ما يلي :

1. العوامل الجسدية : وفي هذه الحالة يكون الإنسان مصاباً بعاهة أو يعاني من السمنة المفرطة أو هزال شديد ، وبالتالي سكون عرضة لمركب النقص الذي يؤدي إلى عدم الثقة بالنفس.

2. العوامل النفسية : في هذه الحالة تلعب ظروف التربية والنشأة دوراً هاماً وخطيراً ، فتخضع نفس الإنسان لنزعات متعارضة ومتصارعة ، وتجعله في حالة جياش يموه عليه الحقائق ويجعله قليل الانتباه ، وقد تدفعه بعض الأحوال إلى استجداء استحسان الناس له ولأفعاله وآرائه.

فلا يرضيه بديلاً عن سماع عبارات الثناء والإطراء تلاحقه من كل جانب وفي كل مناسبة ، وينمي هذا الحرص الشديد في أعماقه شعوراً بالحذر والخوف والترقب ، ينتهي إلى تمخض نفسه عن خجل يزحف في غفلة ثم يشتد ويقوي حتى يصبح وحشاً مفترساً.{12}

ومما سبق يمكن التوصل إلى أهم أسباب الخجل وهي ما يلي :

  • مشاعر النقص في الجسم أو الحواس أو في التصرف.
  • أسلوب التربية الخاطئة.
  • التأخر الدراسي.
  • افتقاد الشعور بالأمان والإحساس الدائم بالخوف.
  • نشأة المراهق في أسرة خجولة.

أنواع الخجل

  • الخجل الاجتماعي الانطوائي : يتميز الفرد بالعزلة مع القدرة على العمل بكفاءة مع الجماعة.
  • الاجتماعي العصابي : هو قلق ناتج عن الشعور بالوحدة النفسية مع وجود صراعات نفسية في تكوين علاقات اجتماعية مع الآخرين.
  • العام : يتميز بعيوب في أداء المهارات ، ويظهر في الجلسات الجماعية والأماكن العامة.
  • الخاص : ينصب حول أحداث ذاتية ويتعلق بالعلاقات الشخصية.
  • المزمن : يقلق صاحبه ويخفض من مهاراته الاجتماعية ويزيد من انطوائه.
  • الموقفي : يتعرض الفرد لمواقف اجتماعية معينة تقتضي الخجل وتزول بزوال الموقف.
  • الموجب : كصفات مستحسنة كالهدوء والحساسية.
  • السالب : كصفات غير مستحسنة اجتماعياً كالعزلة و الخوف والقلق.
  • المتوازن : دون إفراط وبشكل مقبول اجتماعياً.
  • المزاجي : يرتبط بالمزاج وتقلباته.
  • التقويمي الاجتماعي : يرتبط بتقويم المواقف الاجتماعية.
  • خجل من الذات : أي يخجل الفرد من نفسه دون تدخل الآخرين.
  • خجل اجتماعي : يشعر الفرد بالخجل من الآخرين ونتيجة تفاعله معهم.
  • خجل حقيقي : هو خجل واقعي وينتج عن مواقف مثيرة فعلاً للخجل لدى الفرد.
  • خجل وهمي : مبني على تصورات خاطئة من صاحبه.
  • خجل متصنع : من أجل تحقيق هدف ما.
  • خجل جنسي : متعلق بالجنس والتناسل.
  • خجل معرفي : متعلق بمعلومات تافهة أو خاطئة.
  • عاطفي : متعلق بالحب والعشق.
  • لفظي : هي تعابير لفظية يمكن التعبير عنها.
  • غير لفظي : هي تعابير حركية لا يمكن التعبير عنها لفظياً.{11}

أعراض الخجل

رغم تعدد أعراض الخجل ومظاهره ، فإن ثمة ما يجمع بينها في زمرة أعراض تختلف نسبياً من فرد لآخر ومن مستوى لآخر ، ومن مثير لآخر ، ومن تلك الأعراض ما يلي :

1. الأعراض الفيزيولوجية

احمرار الوجه ، جفاف الحلق ، زيادة خفقان القلب.

2. الأعراض الاجتماعية

ضعف القدرة على التفاعل أو التواصل ، تفضيل الوحدة ، الرغبة في الانسحاب.

3. الأعراض الانفعالية والوجدانية

التوتر ، الخوف ، ضعف الثقة بالنفس.

4. الأعراض المعرفية

قلة التركيز ، تداخل الأفكار ، ضعف قدرة الفهم.

إن الأعراض التي ذكرناها لا تحدث دفعة واحدة ، بل يحدث بعضها وفقاً لشدة الموقف ، وطبيعة الشخص نفسه ، ودرجة حالة الخجل.{11}

صفات الشخص الخجول

تتحدد بعض صفات الشخص الخجول كما يلي :

  • كثير القلق والتوتر.
  • أقل لباقة وثقة في التداخل والتفاعل الاجتماعي.
  • الميل إلى العزلة.
  • الانشغال بالذات وتأمل ما فيها من نقص.
  • الميل للصمت عند خروجه عند الجماعة.{13}

النظريات المفسرة للخجل

هناك بعض الاتجاهات المفسرة لظاهرة الخجل وأسبابه وتطوره ، ومن أهم هذه الاتجاهات ما يلي :

1. الاتجاه التحليلي

يفسره في ضوء انشغال الأنا بالذات ليأخذ شكل النرجسية ، فضلاَ عن اتصاف الخجول بالعدائية والعدوان.

2. اتجاه التعلم الاجتماعي

فيه يعزو الخجل للقلق الاجتماعي والذي يثير أنماطاً من السلوك الانسحابي ويمنع فرصة تعلم المهارات الاجتماعية ، بل ويمتد ليكون عواقب معرفية تظهر في شكل توقع الفشل في الموقف الاجتماعي ، وحساسية مفرطة للقويم السليم من قبل الآخرين وميل مزمن لتقويم الذات تقويما سلبياً.

3. الاتجاه البيئي الأسري

يرجعه هذا الاتجاه إلى عوامل بيئية أسرية متمثلة في ما يمارسه الوالدان من أساليب معاملة كالحماية الزائدة للطفل والنقد المستمر إلى جانب التهديد الدائم بالعقاب المؤدي إلى تفاقم الخجل لدى الطفل ، حيث يثير الخجل ويثار عن طريق إدراك البيئة.

4. الاتجاه الوراثي

يرجعه هذا الاتجاه إلى شق وراثي تكويني ، يستمر ملازماً لسلوك الطفل طوال حياته في مراحل العمر التالية ولذا فمعاملة الطفل الخجول وراثياً بطرق الممارسات الوالدية السالبة ، قد يجعله معرضاً للمعاناة من الخجل المزمن.{11}

الوقاية من الخجل

لقد لخص العالمان شيفر وميلمان (1981) بعض الطرق الوقائية التي تساعد على الحد من انتشار هذه الظاهرة لدى الأطفال ، وهذه الطرق هي ما يلي :

  • تشجيع الطفل على ممارسة الأنشطة الاجتماعية.
  • تشجيع الطفل على تطوير المهارات وإجادتها.
  • تقليل حساسية الأطفال من المشاعر السلبية المقترنة بالتفاعل الاجتماعي.
  • زيادة الجرأة الإيجابية لدى الطفل ، والمبادأة الفعالة.
  • إحاطة الطفل بجو من التقبل والدفء.

علاج الخجل

إن نتائج البحوث النفسية في ما يتعلق بعلاج الخجل مأمولة ، وتبشر بفاعليتها للتغلب عليه. وتوصلت البحوث إلى بعض العلاجات التي تساعد في التخلص منه وهذه العلاجات هي ما يلي :

1. التدريب على الاسترخاء : قد يكون التدريب على الاسترخاء مفيداً في خفض التنبه الفعلي والمتصور.

2. العلاج المعرفي : يسهم العلاج المعرفي وهو نوع من أنواع العلاج النفسي في خفض فرط شعور الفرد بالذات ، فضلاً عن أنه يقلل من إثارة الشخص الخجول للتقويمات الذاتية السلبية ، والغرض الأساسي من هذه المداخل العلاجية يتمثل في زيادة شعور الفرد الخجول بكفاءته الذاتية.

ولا ينحصر العلاج على صعيد المشكلات الشخصية الفردية ، ولكنه يتضمن أيضاً النظر إلى القيم الاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع ، فقد تحتاج هي الأخرى إلى تعديل.

ويتضمن هذا المدخل برنامجاً تقويمياً من شأنه أن يخفض التقويم النقدي نحو الآخرين ، فضلاً عن التنافس الذي يصل إلى حد الكفاح ، والقليل من التأكيد على الذات والانا للحد الذي يتنافى مع أهداف الجماعة ، وحاجات المجتمع.

كما يحث هذا العلاج على أهمية تقوية العلاقات بين الطفل والوالدين ، حيث يكون قوام العلاقة تبادل المشاعر ، ومناقشة كل السلوكيات غير الملائمة من قبل الطفل لتعديل سلوكه نحو أفضل صورة.

3. التدريب على الحديث أمام الجماعة : يعد هذا الأسلوب من الأساليب الفعالة والناجحة في علاج الخجل.{14}

المراجع

  1. [ راي كروزير / ترجمة د. معتز سيد عبدالله / الخجل / المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب / الكويت / 2009 م ص 23 ]
  2. [ إعداد حنان بنت أسعد محمد خوج 2002]
  3. [ عاقل ، فاخر / 1984 / أصول علم النفس وتطبيقاته / الطبعة السادسة / بيروت / دار العلم للملايين / ص 273 ]
  4. [ الشناوي ، محمد محروس ، خضر ، علي السيد / 1988 / بحوث المؤتمر الرابع لعلم النفس في مصر م الجيزة/ مركز مركز التنمية البشرية والمعلومات / ص 1 ]
  5. [ الساكت ، طه محمد / 1973 / السنة / الحياء النبوي / مجلة الأزهر / العدد 3 / ربيع الأول ، نوفمبر / ص 268 ]
  6. [ حمادة ، لولوة نهابة ، عبد اللطيف ، حسن إبراهيم / 1999 / الخجل / مجلة دراسات الخليج والجزيرة م / العدد 94/ ص 123 ، 152 ]
  7. [ النملة ، عبد الرحمن بن سليمان / 1995 / برنامج للعلاج النفسي الإسلامي لحالات الخجل / رسالة ماجستير غير منشورة م كلية العلوم الاجتماعية / جامعة محمد بن سعود الإسلامية / ص 23 ]
  8. [ الغزالي ، محمد ، / 1988 / خلق المسلم / القاهرة / دار الدعوة للطبع والنشر / ص 169 ]
  9. [ مبيض ، محمد سعيد م 1991 / أخلاق المسلم وكيف نربي أبناءنا عليها / طبعة 1 / إدلب سورية / مكتبة الغزالي / ص206 ] 
  10. [ كفافي ، علاء الدين / 1994 / معجم علم النفس والطب النفسي / القاهرة / دار النهضة العربية / ص10 ]
  11. [ النبال ، مايسة أحمد / 1993 / بناء مقياس الوحدة النفسية ومدى انتشارها ، مجلس علم النفس ع (26) / القاهرة / الهيئة المصرية للكتاب / 2 5 ، 11 ، 102 ]
  12. [ حسن سعد الدين حجازي /  أسبابه وعلاجه / المركز العربي الحديث / القاهرة / 2001 / ص4 ]
  13. [ حبيب ، مجدي عبد الكريم / 1992 /  كبعد أساسي للشخصية / مجلس علم النفس ع (23) / ص 66 ، 85 ]
  14. [ د . مياسة أحمد النيال ، د. مدحت عبد الحميد أبو زيد/ الخجل وبعض أبعاد الشخصية / دار الكتب المصرية /1999 / ص 46 ]
زر الذهاب إلى الأعلى