طرق علاج التوحد ، علاج التوحد عند الأطفال

يعد التوحد إعاقة مستمرة ترافق الطفل طوال حياته حيث لا يتوفر لها علاج نهائي على الرغم من التغيرات التي تطرأ على الطفل والراشد التوحدي ، بينما هو ينمو ويتقدم بالعمر ، فهناك تحسن تراجيدي واضح في مدى المهارات التي تتضح خلال حياته.{1}

علاج التوحد

يعد التوحد من أحد أكبر الاضطرابات الغامضة وربما يرجع ذلك لأن أسبابه غير واضحة بشكل حاسم ، وإن هذا الاضطراب يؤثر في كل أنماط النمو بشكل خطير.

ولذلك اختلفت الآراء حول إمكانية تقديم العلاج للأطفال التوحديين حيث تحتاج لأساليب وطرق متباينة بتباين الحالات وصعوبة تشخيصها ، ولذلك تحتاج تلك الفئة المصابة بالتوحد لعناية خاصة ومتدربين على العمل معهم ورعايتهم ومشاركة الآباء والأمهات في سبل تقديم البرامج العلاجية لهؤلاء الأطفال.

الهدف من علاج التوحد

إن تطبيق الأساليب والبرامج العلاجية لعلاج التوحد لها مجموعة من الأهداف ، وهذه الأهداف هي ما يلي :

  • العمل على تنمية الوعي بذواتهم وبعلاقتهم بالآخرين.
  • محاولة إقامة نظام الدمج وتطبيقه مع العاديين لهؤلاء الأطفال ليكتسبوا ولو ببطء اللغة والمعايير الاجتماعية من أقرانهم الأسوياء.
  • التركيز على الأنشطة المفضلة لهم مع إجراء بعض التعديلات عليها بالتدريج حيث تأخذ الأنشطة لديهم النمط الثابت المتكرر.
  • التركيز على المهارات التي توجد لديهم وتنميتها.
  • تنمية الاتجاه الإيجابي نحوهم من قبل الآباء والأمهات والمشرفين والمحيطين بهم.
  • عدم التركيز على نمط ثابت لتدريبهم أو تعليمهم.
  • إثارة اهتماماتهم بالبيئة ومكوناتها.
  • التدريب على التقليد والمحاكاة.
  • التدريب على تقبل التغير البيئي من حوله.
  • التدريب على التخاطب باستخدام الكومبيوتر والتسجيل الصوتي وجذب انتباههم بطرق غير تقليدية.
  • التربية الحسية وتنمية عمل الحواس باستخدام الخامات القابلة للتشكيل وغير الضارة وخصوصاً حاسة اللمس والشم.
  • تحول النظرة المستقبلية للإيجابية بمن يحيطون بالطفل.
  • زيادة التواصل بإلحاح من جانب الكبار مع هؤلاء الأطفال بكل صوره اللفظية والوجدانية والإشارية.

طرق علاج التوحد

هناك العديد من الطرق والأساليب لعلاج التوحد. ومن الأساليب المتبعة في العلاج ما هو قائم على الأسس النظرية للتحليل النفسي ومنها ما هو قائم على مبادئ النظريات السلوكية ، وهناك أيضاً تدخلات علاجية قائمة على استخدام العقاقير والأدوية.{2}

1. علاج التوحد الطبي

الهدف الأساسي من العلاج الطبي للتوحد هو ضمان الحد الأدنى من الصحة الجسمية والنفسية ، وبرنامج الرعاية الصحية الجيد يجب أن يحتوي على زيارات دورية منتظمة للطبيب لمتابعة النمو ، النضر ، السمع ، ضغط الدم ، التطعيمات الأساسية الطارئة ، زيارات منتظمة لطبيب الأسنان ، والاهتمام بالتغذية والنظافة العامة ، كما أن العلاج الطبي الجيد يجب أن يبدأ بتقييم الحالة العامة للطفل لاكتشاف وجود أي مشاكل طبية أخرى مصاحبة. ومن الأساليب الطبية المستخدمة في علاج التوحد ما يلي :{3}

1. العلاج الجسدي

يحاول من خلال علاج التوحد الجسدي علاج أي مرض يصيب الخلايا الحية أو الخلل الوظيفي الذي يصيب الهرمونات ، مثل استخدام السماعات لتحسين حالة السمع أو علاج الحول أو تحسين طريقة المشي والوقوف.

2. العلاج بالصدمات الكهربائية

في بعض الحالات يكون استخدام الصدمات الكهربائية مفيداً بشرط أن يكون مركزاً ولفترات طويلة بمعدل أربع أو خمس جلسات في الأسبوع الواحد لمدة أربع أو خمسة أسابيع.

3. العلاج الدوائي

يشمل هذا العلاج مجموعة من الفيتامينات ومضادات الخمائر ، ويرى بعض العلماء أن العلاج الدوائي أكثر فاعلية في تخفيف أعراض الأوتيزم. ومن أهم الأدوية التي يتم استخدامها ما يلي :{4}

1. العقاقير المهدئة

هناك بعض الأدوية المهدئة والتي تستخدم للمساعدة في تعديل بعض أنماط السلوك والمشاكل النفسية المصاحبة مثل ( الأرق ، العدوانية ، فرط النشاط ) وعادة ما تستخدم لمدة قصيرة لوجود أعراض جانبية.

2. الميغافايتامين

أظهرت بعض الدراسات أن استخدام فيتامين ( ب 6 ) والمغنيسيوم بجرعات كبيرة يساعدان الأطفال التوحديين ، فالمعروف أن فيتامين ( ب 6 ) يساعد على تكوين الموصلات العصبية ، والتي عادة ما يكون فيها اضطراب عند الأطفال التوحديين.

3. عقار الفنفلرو آمين

يعمل هذا الدواء على خفض مستوى السيروتينين بالدم ، والذي يكون مرتفع عند الأطفال المصابين بالتوحد.

4. عقار النالتريكسون

هناك فرضيات أن من أسباب التوحد وجود كمية عالية من مادة تسمى opoids في المخ ، وهذا العقار يقوم بالحد من آثار هذه المادة.

5. أدوية علاج الصرع

إن الصرع من الحالات المصاحبة للتوحد حيث توجد في ثلث الحالات تقريباً ، ولا يعرف سبب معين لذلك ، وهنا فقد ينصح الطبيب باستخدام أدوية لعلاجها.

6. مضادات الخمائر

لوحظ زيادة تكاثر الخمائر عند الأطفال التوحديين ، وعند استخدام مضادات الخمائر لوحظ نقص بعض السلوكيات السلبية.

7. الأدوية التي تستعمل للنظام الدوبامنيرجي

هناك مجموعة من أدوية الشد العصبي الشاذة والهامة جداً مثل هالوبريدول وسلبريد ، وهي تثير البث الدوبامنيرجي عند إعطائها بجرعات منخفضة ولكنها تزيله عند إعطائها بجرعات عالية.{3}

2. علاج التوحد النفسي

استخدم هذا العلاج أصحاب النظرية التحليلية ، الذين يعتبرون أن التوحد اضطراب انفعالي عاطفي ناشئ عن رفض الوالدين لإقامة علاقة مع الطفل المصاب بالتوحد وبرودة مشاعرهما تجاهه.{4}

والهدف الأساسي من هذا العلاج هو إقامة علاقة قوية بين الطفل والنموذج الذي يمثل الأم مع محاولة لتزويد الطفل بما لم تقدمه أمه من خبرات مشبعة معه كالحب والأمان والتفاعلات الإيجابية.

ويشمل العلاج بالتحليل النفسي على مرحلتين :

  • المرحلة الأولى : يقوم المعالج بتزويد الطفل بأكثر قدر ممكن من التدعيم وتقديم الإشباع وتجنب الإحباط مع التفاهم والثبات الانفعالي من قبل المعالج.
  • المرحلة الثانية : يركز المعالج النفسي على تطوير المهارات كما تتضمن هذه المرحلة التدريب على تأجيل وإرجاء الإشباع والإرضاء ومما يذكر أن معظم برامج المعالجين النفسيين مع الأطفال التوحديين كانت تأخذ شكل جلسات للطفل المضطرب الذي يجب أن يقيم في المشفى وتقديم بيئة حية عن الناحية العقلية.{2}

3. علاج التوحد السلوكي

العلاج السلوكي هو العلم الذي يقوم بتطبيق الأساليب التي انبثقت عن قوانين النظرية السلوكية بشكل منظم ، من أجل إحداث تغيير جوهري إيجابي في السلوك ، بتقديم الأدلة التجريبية التي تؤكد مسؤولية تلك الأساليب في تغيير السلوك.

إن العلاج السلوكي حقق نجاحاً مع الكثير من الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد ، ويركز العلاج السلوكي للتوحد بشكل أساسي على الطرق والتقنيات السلوكية التي تؤدي إلى تحديد العوامل البيئية والأحداث التي تؤدي إلى الحفاظ على السلوك غير المرغوب فيه واستمراريته ، ومن ثم تطبيق التقنيات السلوكية من أجل تحسين الاستقلال الشخصي والسلوك المسؤول عن طريق تدريب الأطفال المصابين بالتوحد على المهارات الأساسية ، وزيادة المخزون السلوكي الاجتماعي ، والأنشطة الاجتماعية.

4. علاج التوحد التعليمي

ويعرف هذا العلاج على أنه برنامج تعليمي خاص مبني إعداده على افتراض أن لكل طفل توحدي احتياجاته التعليمية الخاصة ومستويات نمو متباينة لقدراته المختلفة أو بالأحرى أن له صور أو صفحة بيانية خاصة تحدد مشكلاته واحتياجاته والعمر العقلي لمستويات نمو قدراته بالنسبة لعمره الزمني.

هذا البروفايل يعد بناءً على قياس وتقييم دقيق لتلك القدرات يقوم بتطبيقه فريق من الأخصائيين النفسيين والتربويين ليكون أساساً لتخطيط برنامج التعليم الفردي للطفل.

والفكرة في التربية الخاصة هي أن يهيئ للطفل المصاب باضطراب طيف التوحد البيئة التعليمية الخاصة به والتي تسمح بتعليمه بسرعة أقل من سرعة تعلم الطفل العادي مع التركيز على أنشطة وموضوعات تعليمية وطرق تدريس و تكنولوجيا خاصة به ليتمكن من تعويض القصور التي تفرضه عليه إعاقة التوحد وعلى نمو قدراته.{5}

5. علاج التوحد بالتكامل الحسي

وهو مأخوذ من علم آخر هو العلاج المهني ، ويقوم على أساس أن الجهاز العصبي يقوم بربط وتكامل جميع الأحاسيس الصادرة من الجسم وبالتالي فإن أي خلل في ربط أو تجانس هذه الأحاسيس مثل ( حواس الشم ، السمع ، البصر ، اللمس ، التوازن ، التذوق ) قد يؤدي إلى أعراض توحدية.

ويقوم العلاج على تحليل هذه الأحاسيس ومن ثم العمل على توازنها ، ولكن يجب معرفة أنه ليس كل الأطفال التوحديين يظهرون أعراضاً تدل على خلل في التوازن الحسي ، لذلك يجب مراعاة ذلك أثناء وضع برنامج العلاج الخاص بكل طفل.

يتضمن هذا البرنامج التنفس العميق للطفل ، المساج ، اللمس برفق ، واستخدام اللمس الذي يعين الطفل على الاستجابات التكيفية فضلاً عن تدريب دماغ الطفل لتكامل المدخلات لمختلف الأحاسيس. وعند تطبيق هذا العلاج على الأطفال المصابين بالتوحد وجد تحسن واضح في مستوى أنشطة الطفل وانخفاض صعوبات النوم وتحسن واضح في السلوك الاجتماعي.

6. علاج التوحد بالموسيقى

درست التأثيرات العملية العلاجية للموسيقى على أطفال التوحد. فوجد أن للموسيقى تأثير كبير على انخفاض النشاط الزائد عند الأطفال وانخفاض مستوى القلق وأنها أفضل بكثير من استخدام الكلام إذ أنها تساعد الطفل على تذكره للأغاني كما أن هذا البرنامج يعد بسيطاً وسهلاً في تدريب الطفل عليه وليس له أية تأثيرات جانبية.{6}

7. علاج التوحد بالغذاء

أبدى بعض الأطفال المصابين بالتوحد تحسناً ملحوظاً نتيجة لاستعمال الحمية الغذائية الخالية من الغلوتين أو الكازيين ، وتوجد مادة الغلوتين في الأغذية التي تحتوي على القمح وحبوب الجاودار والشعير. أما الكازيين فيوجد بالحليب والأجبان ومشتقات الألبان الأخر.

ولا يتفق جميع الخبراء على أن هذا التغيير في نمط الغذاء يحدث فرقاً في حالة الطفل ، وإذا كان الأهل راغبين بهذا النوع من العلاج فعليهم استشارة الطبيب المختص بأمراض الجهاز الهضمي وأخصائي التغذية ، لضمان حصول أبنائهم على الغذاء المتوازن.{7}

8. علاج التوحد التواصلي والاجتماعي

يعاني الأطفال المصابون بالتوحد من صعوبات في التطور اللغوي والفهم ، وقد ثبت أن برامج النطق واللغة التقليدية عديمة الفائدة وغير فعالة ، فالأطفال المصابون بالتوحد هم بحاجة إلى من يعلمهم استخدام اللغة للتواصل وليس لمجرد النطق.

وهناك العديد من الطرق التي صممت خصيصاً لتطوير المهارات التواصلية ولعل أكثرها انتشاراً نظام التواصل بتبادل الصور ولغة الإشارة. ويضم هذا الأسلوب مجموعة متنوعة من الطرق منها :

برنامج فاست فوروورد ، نظام التواصل بتبادل الصور ، لغة الإشارة ، علاج النطق / اللغة ، القصص الاجتماعية ، العلاج باللعب.{8}

9. علاج التوحد بالقرآن

تشير بعض البحوث والدراسات إلى أن تلاوة القرآن الكريم عندما يبدؤون الأطفال بالصراخ أو النوم على الأرض وغيرها من التصرفات التي يفعلها الأطفال المصابون بالتوحد يؤدي إلى هدوءهم وتخفيف هذه التصرفات.

أفضل طريقة لعلاج التوحد

بسبب طبيعة التوحد ، الذي تختلف أعراضه وتخف وتحد من طفل لآخر ، ونظراً للاختلاف الطبيعي بين كل طفل وآخر ، فإنه ليست هناك طريقة معينة بذاتها تصلح للتخفيف من أعراض التوحد  أو علاج التوحد في كل الحالات.

وقد أظهرت الأبحاث والدراسات أن معظم الأشخاص المصابين بالتوحد يستجيبون بشكل جيد للبرامج القائمة على البنى الثابتة والمتوقعة مثل ( الأعمال اليومية المتكررة والتي تعود عليها الطفل ) والتعليم المصمم بناء على الاحتياجات الفردية لكل طفل ، وبرامج العلاج السلوكي ، والبرامج التي تشمل علاج اللغة ، وتنمية المهارات الاجتماعية ، والتغلب على أي مشاكل حسية.

ويجب أن تدار هذه البرامج من قبل أخصائيين مدربين بشكل جيد ، وبطريقة متناسقة ، وشاملة. كما يجب أن تكون الخدمة مرنة تتغير بتغير حالة الطفل ، وأن تعتمد على تشجيع الطفل وتحفيزه ، كما يجب تقييمها بشكل منتظم من أجل محاولة الانتقال بها من البيت إلى المدرسة إلى المجتمع.

كما يجب أن يشترك الوالدين في البرامج العلاجية وضرورة تدريبهما للمساعدة ، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهما.{6}

المراجع
  1. [ د. أسامة فاروق مصطفى ، د. السيد كمال الشربيني / التوحد الأسباب ، التشخيص ، العلاج / دار المسيرة للنشر والتوزيع / عمان / الطبعة 1 / 2011 / ص 191 ]
  2. [ د. محمود عبد الرحمن عيسى الشرقاوي / التوحد ووسائل علاجه / دار العلم والإيمان / الطبعة 1 / 2018 / ص 234 ]
  3. [ رائد خليل العبادي / التوحد / مكتبة المجتمع العربي للنشر والتوزيع / الطبعة الأولى / 2006 / عمان / ص65 ]
  4. [ د. مصطفى نوري القمش / اضطرابات طيف التوحد / دار المسيرة للنشر والتوزيع / عمان / 2011 / ص134 ]
  5. [ د. جمال خلف المقابلة / اضطرابات طيف التوحد ، التشخيص والتدخلات العلاجية / دار يافا العلمية للنشر والتوزيع / الطبعة الأولى / 2016 / عمان / ص223 ، 213 ]
  6. [ د. سوسن شاكر مجيد / التوحد ، أسبابه ، خصائصه ، تشخيصه ، علاجه / ديبونو للطباعة والنشر والتوزيع / عمان / الأردن / الطبعة الثانية / 2010 / ص 145 ، 146 ]
  7. [ حازم رضوان آل إسماعيل / التوحد واضطرابات التواصل / دار مجدلاوي للنشر والتوزيع / عمان / الطبعة الأولى / 2011 / ص30 ]
  8. [ د . تامر فرح سهيل / التوحد ، التعريف ، الأسباب التشخيص والعلاج / دار الإعصار العلمي للنشر والتوزيع / عمان / الطبعة الأولى / 2015 / ص 208 ]
زر الذهاب إلى الأعلى