ما هو التخلف العقلي ( الإعاقة الذهنية )

التخلف العقلي وبالإنجليزية “Mental Retardation” المعروف حالياً باسم الإعاقة الذهنية أو الإعاقة العقلية وبالإنجليزية “Intellectual Disability”. هو إعاقة في نمو الدماغ ، تتميز بانخفاض في قدرات التعلم والأداء المعرفي والمهارات التكيفية.

يحدث خلال فترة النمو المبكر للدماغ ، قبل بلوغ سن 18 عاماً ، وعادةً ما يرتبط بصعوبات في التواصل والتفاعل الاجتماعي. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 1-3% من سكان العالم يعانون من درجات مختلفة من التخلف العقلي.

ويصنف التخلف العقلي إلى عدة درجات حسب درجة الإعاقة ، فبعض الأشخاص يعانون من تخلف عقلي خفيف يسمح لهم بالتعلم والعمل والتفاعل بشكل طبيعي مع المجتمع ، بينما يعاني البعض الآخر من تخلف شديد يمنعهم من القيام بالمهام البسيطة والتفاعل بشكل طبيعي مع الآخرين.

ولا يوجد سبب دقيق يؤدي إلى الإصابة بهذا الاضطراب ، بل هناك عدة عوامل يمكن أن تؤدي إلى الإصابة به. ويتم تشخيصه من خلال إجراء عدة اختبارات نفسية وتقييمية ، ويحتاج المصاب به إلى عناية ورعاية خاصة ، ويعتمد علاجه على درجة الإصابة والأعراض المرافقة للاضطراب.

التخلف العقلي

التخلف العقلي هو حالة تطورية مستدامة تؤثر على نمو وتطور الدماغ ، ويمكن تعريفه على أنه الأداء الفكري دون المتوسط ​​، والذي يحدث بالاقتران مع العجز التكيفي ويتجلى خلال فترة النمو قبل سن 18 عام. (يتم قياس مستوى الأداء الفكري من خلال الاختبارات القياسية لحاصل الذكاء). ويتضمن صعوبات في التعلم والتكيف الاجتماعي والقدرة على حل المشكلات.

تصنيف التخلف العقلي

يصنف التخلف العقلي إلى 4 أنواع رئيسية ، وهي :

  1. التخلف العقلي الخفيف : يشمل هذا النوع من التخلف الأشخاص الذين يتراوح مستوى ذكائهم العام بين 50 و70%.
  2. التخلف العقلي المتوسط : يشمل هذا النوع من التخلف الأشخاص الذين يتراوح مستوى ذكائهم العام بين 35 و50%.
  3. التخلف العقلي الشديد : يشمل هذا النوع من التخلف الأشخاص الذين يتراوح مستوى ذكائهم العام بين 20 و35%.
  4. التخلف العقلي العميق : يشمل هذا النوع من التخلف الأشخاص الذين يكون مستوى ذكائهم العام دون 20%.

يعتمد تصنيف التخلف العقلي إلى هذه الأنواع على درجة الذكاء العام (IQ) ومستوى القدرات العقلية والتعلمية الأساسية ، والقدرة على التواصل والتفاعل الاجتماعي ، وغيرها من العوامل التي تؤثر على الحالة الصحية للشخص المصاب بالتخلف.

درجات التخلف العقلي

تختلف درجات التخلف العقلي ، وفقاً للأنظمة والمعايير المختلفة التي تستخدم في التصنيف. ومن أكثر الأنظمة اعتماداً واعترافاً هو نظام الذكاء العام. حيث يتم استخدام نتائج اختبارات الذكاء العام لتصنيف درجات التخلف العقلي. ويعتبر متوسط الذكاء العام 100% ، فأي شخص يحصل على نتيجة أقل من 70% يصنف عادة بأنه يعاني من تخلف عقلي. وتشمل درجات التخلف ، التالي :

1- التخلف العقلي الخفيف

يعتبر أكثر الأنواع شيوعاً. ويشمل الأشخاص الذين يتراوح معدل ذكائهم العام بين 70 و 50% ، ويمثلون حوالي 85% من جميع حالات التخلف العقلي.

يمكن للأشخاص المصابين بهذه الدرجة من التخلف العيش بشكل مستقل في المجتمع والقيام بالمهام اليومية الأساسية بنجاح ، مثل الحفاظ على النظافة الشخصية وإجراء الأعمال المنزلية البسيطة والعمل في وظائف بسيطة لا تحتاج إلى مؤهلات علمية.

ولكن يواجه المصابون بهذه الدرجة صعوبات في التعلم والتكيف الاجتماعي ، وقد يحتاجون إلى دعم وتوجيه في بعض المجالات.

– أعراض التخلف العقلي الخفيف

يتميز التخلف العقلي الخفيف بمجموعة من الأعراض ، تشمل :

  • صعوبة في تعلم المهارات الأكاديمية الجديدة مثل القراءة والحساب والكتابة. ولكن لديهم قدرة على تعلم مهارات العناية الذات والحياة اليومية.
  • صعوبة في تذكر التفاصيل أو حفظ المعلومات لفترات طويلة.
  • بطئ في اكتساب المهارات الاجتماعية والتواصلية.
  • قد يواجهون صعوبة في التركيز والانتباه.
  • قد لا يكتمل نضج الطفل عقلياً وانفعالياً عند بلوغ سن الرشد.
  • صعوبة في حل المشكلات خاصة المشكلات ذات الطبيعة المجردة.
  • تقلب المزاج واندفاعية السلوك أكثر من الأشخاص العاديين.
  • يمكن أن يكون الطفل اجتماعياً ويشارك في الأنشطة العادية ، رغم وجود بعض الصعوبات لديه.

2- التخلف العقلي المتوسط

يشمل التخلف العقلي المتوسط الأشخاص الذين تكون نسبة ذكائهم بين 35 و 50%. ويعاني المصابون بهذه الدرجة من صعوبات في التعلم والتذكر والفهم العام ، وقد يحتاجون إلى دعم إضافي لتحقيق النجاح في الحياة اليومية. كما يمكن أن يواجهوا صعوبات في التفاعل الاجتماعي والتكيف مع المجتمع ، وقد يحتاجون إلى دعم إضافي لتحسين الإدراك الاجتماعي والقدرة على التواصل.

– أعراض التخلف العقلي المتوسط

يتميز المصاب بالتخلف العقلي المتوسط بالأعراض التالية :

  • صعوبات تعلم أكبر من تلك الموجودة في التخلف العقلي الخفيف. حيث يواجه الأطفال صعوبة في تعلم مهارات القراءة والكتابة والحساب على مستوى المدرسة.
  • تواصل أبسط وصعوبة في فهم المعاني غير الحرفية أو التعبيرات المجازية.
  • صعوبة في تحقيق الاستقلالية الذاتية ، وقدرة محدودة على أداء المهام اليومية. ويحتاج إلى متابعة ومساعدة في العناية بنفسه.
  • تأخر في نمو المهارات الحياتية والاجتماعية والعاطفية.
  • سلوك أكثر اندفاعية وعدوانية.
  • تركيز انتباهي قصير ومحدود الاهتمامات.
  • صعوبة في تشكيل علاقات اجتماعية طبيعية.
  • تقلبات مزاجية وانفعالية.
  • تكون قدراته المعرفية عند البلوغ ، شبيهة بالقدرات المعرفية عند الأطفال العاديين الذين يتراوح عمرهم بين سن 3-6 سنوات.
  • يحتاج المصابون إلى دعم للتخفيف من الصعوبات وتعزيز الاستقلالية الذاتية.

3- التخلف العقلي الشديد

يتميز الأشخاص المصابون بالتخلف العقلي الشديد بتأخر واضح في التطور العقلي ، يؤثر على القدرة على التعلم والتكيف مع البيئة المحيطة. ويتراوح مستوى الذكاء العام لدى الأفراد المصابين به بين 20 و 35%.

يعاني الأشخاص المصابون به من صعوبات كبيرة في التعلم والتكيف مع البيئة المحيطة ، ويحتاجون إلى دعم عالي المستوى في حياتهم اليومية. ويصعب عليهم فهم المفاهيم الأساسية والقدرة على التواصل مع الآخرين والقيام بالمهام اليومية بشكل مستقل.

– أعراض التخلف العقلي الشديد

يتميز المصاب بالتخلف العقلي الشديد بالأعراض التالية :

  • صعوبات شديدة في التعلم. وقدرات معرفية مساوية تقريباً لتلك الموجودة لدى طفل عمره 2-3 سنوات.
  • مهارات لغوية وتواصلية محدودة للغاية. ويكون عدد الكلمات التي يملكونها قليل جداً.
  • عدم القدرة على القيام بأي عمل بمفرده ، بما في ذلك مهارات العناية الذاتية الأساسية. ويتطلب المصاب الرعاية الكاملة.
  • سلوكيات عدوانية وانفعالية ونوبات غضب شديدة وغير متوقعة.
  • قدرة محدودة على التركيز والانتباه لفترات طويلة.
  • عدم القدرة على بناء علاقات اجتماعية.
  • القيام بحركات أو أنشطة تكرارية.
  • مشكلات نفسية وسلوكية إضافية مثل فرط النشاط والاكتئاب.
  • قد يوصف للمصاب بعض الأدوية للسيطرة على سلوكه.

4- التخلف العقلي العميق

يؤثر التخلف العقلي العميق على القدرة على التعلم والتكيف مع البيئة المحيطة. ويعد أكثر حالات التخلف شدةً ، ويكون معدل الذكاء العام لدى الأفراد المصابين به أقل من 20% درجة.

ويتميز المصابون بهذه الدرجة بصعوبات شديدة في التعلم والتكيف مع البيئة المحيطة. ويصعب على الأشخاص المصابين بهذا النوع من التخلف فهم المفاهيم الأساسية والقدرة على التواصل مع الآخرين والقيام بالمهام اليومية بشكل مستقل.

ويمكن أن يواجهوا صعوبات في الحركة والإدراك الحركي ، ويحتاجون إلى دعم عالي المستوى في حياتهم اليومية. كما يمكن أن يظهروا بعض الأعراض الإضافية ، مثل اضطرابات السلوك والانفعالات والتوتر والعدوانية.

– أعراض التخلف العقلي العميق

يتميز المصاب بالتخلف العقلي العميق بالأعراض التالية :

  • مستوى ذكاء أقل من 20% ، ومهارات عقلية تبلغ مستوى طفل صغير جداً.
  • مهارات لغوية محدودة للغاية ، حيث يكون معظم التواصل بالصراخ أو الضحك أو الحركات الجسد الغريبة.
  • عدم القدرة على ممارسة أي درجة من الاستقلالية الذاتية. ويتطلب المصاب الرعاية الكاملة في جميع الأوقات.
  • يُظهر العديد من السلوكيات التكرارية أو النمطية مثل الصراخ والهز أو مص أصابع اليد.
  • اندفاعية السلوك وسهولة التهيج والانفعال ونوبات الغضب غير المتوقعة.
  • قصور في التفاعل الاجتماعي وندرة التواصل العاطفي.
  • مشكلات سلوكية مرافقة مثل العدوان أو السلوك الانسحابي.
  • ضعف الانتباه وعدم القدرة على تركيز الانتباه لفترات طويلة.
  • يكون الطفل بحاجة إلى الأدوية في كثير من الأحيان للسيطرة على سلوكياته.

أعراض التخلف العقلي

تشمل الأعراض التي تظهر على الطفل المصاب بالتخلف العقلي ما يلي :

1- الأعراض الجسمية

يتصف الأطفال الذين يعانون من التخلف العقلي بتأخر النمو الجسمي وبطئه مقارنة بالأطفال العاديين ، فالطفل المتخلف عقلياً يكون وزنه أقل من العادي ، كما أن التخلف العقلي قد يترافق أحياناً ببعض الاضطرابات كانخفاض المهارات الحركية ، أو ضعف البصر أو السمع أو عدم تكامل نمو الأسنان والعضلات أو بعض التشوهات في شكل الجمجمة أو العينين والفم واللسان والأطراف أو الأصابع.

كما يتصف الأطفال المصابون بالتخلف بتأخر النمو الحركي ، وعدم الاتزان الحركي في بعض الحالات فالطفل المتخلف عقلياً قد لا يبدأ المشي قبل سن ثلاث سنوات أو أربعة ، وقد لا يستطيع الكلام أو التحكم في الإخراج قبل سن أربعة أو خمسة أعوام من عمره ، ويضاف إلى ذلك التأخر في النشاط الجنسي ، وقد نجد في بعض الحالات ضمور الأعضاء التناسلية عند المصابين.

2- الأعراض العقلية

إن أهم صفة عقلية يتصف بها الأطفال المصابين بالتخلف هي التأخر في النمو العقلي وتدني نسبة الذكاء بحيث تقل عن 70%. فالطفل المتخلف عقلياً يعاني من قصور في القدرة على الانتباه والتركيز وضعف الذاكرة والإدراك والتخيل والتفكير والقدرة على الفهم والمحاكمة ، مما يؤدي إلى تدني التحصيل والنقص في الخبرات والمعلومات والتأخر في النمو اللغوي.

3- الأعراض الشخصية

يتصف المتخلفون عقلياً بنقص الميول والاهتمامات وعدم تحمل المسؤولية ، كما يتصف سلوكهم بالانسحاب والعدوان وعدم تقدير الذات والميل إلى التكرار المستمر لسلوكهم والإلحاح على هذا التكرار كأن نجد الطفل منهم لا يمل ولا يتعب من تكرار نوع واحد من النشاط.

وبشكل عام المتخلفون عقلياً يعانون من نقص في القدرة على التكيف الاجتماعي ، ولهذا تم تحديدها كمعيار في الكشف عن التخلف العقلي إلا أن هذه القدرة على التكيف ليست واحدة عند جميع المتخلفين عقلياً ، وإنما تختلف باختلاف درجة الإعاقة.

يضاف إلى ما سبق أن المتخلفون عقلياً يتصفون أيضاً بنقص الاتزان الانفعالي وعدم الاستقرار والهدوء وسرعة التأثر أحياناً وبطء الانفعال أحياناً أخرى وبشكل عام عدم اكتمال النمو الانفعالي.

أسباب التخلف العقلي

هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى إصابة الطفل بالتخلف العقلي ، بما في ذلك الاضطرابات الوراثية ، والتهابات الأمهات ، والحالات النفسية والاجتماعية ، والتعرض للعقاقير ، والتعرض للمواد الكيميائية البيئية. تتضمن عوامل الخطر ما يلي :

1- أسباب ما قبل الولادة

  • العوامل الوراثية : التي تنتقل عن طريق الجينات نتيجة لشذوذات كروموسومية ( صبغية ) مثل : متلازمة داون ، متلازمة تيرنر أو غيرها.
  • الأمراض التي تصيب الأم الحامل مثل : الزهري والحصبة الألمانية والتعرض للأشعة السينية أو أشعة اكس وتناول العقاقير والأدوية دون إذن الطبيب وسوء التغذية.

2- أسباب تحدث أثناء الولادة

ويقصد بهذه الأسباب تلك الأسباب التي تحدث أثناء فترة الولادة مثل : نقص الأكسجين نتيجة عسر الولادة أو استنشاق السائل الأمينوسي أو التفاف الحبل السري حول العنق أو رضوض الولادة بشكل عام.

3- أسباب بعد الولادة

وهي مجموعة الحوادث والأمراض التي يتعرض لها الطفل في السنين الأولى من حياته والتي قد تسبب له تلفاً في بعض أجزاء المخ مثل : التهاب السحايا والتهاب الدماغ واضطرابات الغدد ، إذ إنها تؤثر بشكل واضح على النمو الجسمي والعقلي للطفل ، وأيضاً رضوض الجمجمة وسوء التغذية والتسممات كالتسمم بأكسيد الفحم أو التسمم بالرصاص.

الفرق بين التأخر العقلي والتخلف العقلي

التأخر العقلي والتخلف العقلي هما مصطلحان يشيران إلى حالات تتعلق بتأخر في التطور العقلي ، ولكن يوجد فرق بينهما.

فالتأخر العقلي هو حالة تتميز بتأخر في التطور العقلي بمقدار معين ، ولكن يمكن تحسين الأداء العقلي للأفراد المصابين به من خلال العلاج والتدخل المناسب. ويعتمد علاجه على الأسباب الكامنة ويشمل الدعم التعليمي والنفسي والعاطفي والاجتماعي.

أما التخلف العقلي ، فيعد حالة أكثر شدةً من التأخر العقلي ويتميز بتأخر شديد في التطور العقلي ، يؤثر على القدرة على التعلم والتكيف مع البيئة المحيطة. ويحتاج الأفراد المصابون بهذه الحالة إلى مستويات عالية جداً من الدعم والرعاية ، ويتطلب العلاج الخاص بهم توفير الدعم التعليمي والتدريب المهني والتوجيه الاجتماعي والنفسي ، بالإضافة إلى الرعاية الطبية. ويمكن إجمال الفرق بين التأخر العقلي والتخلف العقلي ، بالنقاط التالية :

  • السبب : عادة ما يحدث التأخر العقلي بسبب عوامل بيئية أو أمراض. في حين أن سبب التخلف العقلي غالباً وراثي أو خلقي.
  • معدل الذكاء : يكون معدل الذكاء لدى الأشخاص ذوي التأخر العقلي أعلى من 70 ، في حين أنه أقل من 70 في حالة التخلف العقلي.
  • التطور : التأخر العقلي يمكن تعديله أو تحسينه مع الوقت ، في حين أن التخلف العقلي هو حالة طويلة الأمد غير قابلة للشفاء.
  • السلوك : الأشخاص المصابين بالتأخر العقلي يمكنهم تعلم المهارات الاجتماعية والحياتية بشكل جيد ، في حين يواجه الأشخاص المصابين بالتخلف العقلي صعوبات في ذلك.
  • الحالة النفسية : الأشخاص المصابين بالتأخر العقلي عادة ما يكونون في حالة نفسية جيدة ، بينما قد يعاني الأشخاص المصابين بالتخلف العقلي من اضطرابات نفسية إضافية.

الفرق بين التخلف العقلي والمرض العقلي

إن التخلف العقلي حالة من توقف النمو العقلي عند مستوى أدنى بكثير من المستوى الذي يكون عليه الأفراد الطبيعيين ، فالتخلف العقلي ليس مرضاً عقلياً وإنما هو حالة من النقص في حاصل الذكاء.

المرض العقلي هو عبارة عن اختلال في التوازن العقلي بسبب التوترات والضغوط النفسية التي يمر بها الفرد خلال حياته ، ويصبح لديه اختلال في الوظائف العقلية.

تلعب العوامل الوراثية دوراً كبيراً في نشأة المرض العقلي وتطوره بالإضافة إلى الضغوط النفسية الشديدة التي يتعرض لها الفرد في حياته نتيجة الكبت المستمر أو الصراعات العميقة أو الإحباطات المتكررة والكبيرة أو القلق الشديد. ويمكن أن يحدث المرض العقلي كالفصام مثلاً في أي مرحلة من مراحل حياة الفرد من الطفولة والمراهقة والرشد ، أما بالنسبة للتخلف العقلي فهو يحدث ويتطور أثناء فترة الحمل أو في أثناء المراحل النمائية للفرد قبل سن البلوغ.

كما أن المريض العقلي يمكن أن يمتلك ذكاء طبيعي ، وقد يكون أحياناً عبقرياً وأيضاً حالات المرض العقلي في كثير من الأحيان تستجيب للعلاج ومن ثم الشفاء ، أما التخلف العقلي لا يمكن الشفاء منه وكل ما يمكن القيام به هو مساعدة الطفل على استخدام البرامج والخدمات التي تعينه على تحقيق أقصى قدر ممكن من الأداء الوظيفي في نطاق القصور الكامل لقدراته العقلية.

ويمكن تلخيص الفرق بين التخلف العقلي والمرض العقلي ، بالنقاط التالية :

  • السبب : التخلف العقلي يحدث بسبب ضرر في الدماغ ، ويتطور أثناء فترة الحمل أو أثناء مراحل النمو المبكرة ، في حين أن المرض العقلي يحدث بسبب اختلال كيميائي في الدماغ بسبب الضغوط النفسية الشديدة التي يتعرض لها الفرد.
  • العمر : التخلف العقلي موجود منذ الولادة أو منذ مرحلة الطفولة المبكرة ، في حين أن المرض العقلي يظهر عادة في مرحلة البلوغ.
  • الذكاء : يتسم التخلف العقلي بانخفاض في الذكاء وتأخر النمو العقلي. بينما المرض العقلي لا يؤثر على مستوى الذكاء.
  • العلاج : لا يوجد علاج للتخلف العقلي بينما يمكن علاج بعض الأمراض العقلية بالأدوية أو العلاج النفسي.
  • التوقع : التخلف العقلي حالة مستدامة ، أما الأمراض العقلية فيمكن الشفاء منها أو السيطرة عليها مع العلاج الملائم.

مضاعفات التخلف العقلي

يؤدي التخلف العقلي إلى العديد من المضاعفات المحتملة ، يمكن أن تشمل :

  • زيادة خطر الإصابة بأمراض أخرى مثل اضطرابات القلب والأوعية الدموية واضطرابات الغدد الصماء والسكري وفرط النشاط وغيرها.
  • العدوان والسلوك الاندفاعي والعناد.
  • الإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب.
  • العزلة الاجتماعية.
  • مشاكل في التواصل ، مثل صعوبة في فهم اللغة أو استخدامها بشكل فعال.
  • السلوكيات المكررة ، مثل الحركات والأنماط السلوكية المكررة التي لا يمكن السيطرة عليها.
  • صعوبة في أداء مهام الحياة اليومية مثل الاستحمام والأكل والدخول إلى المرحاض.

الوقاية من الإصابة بالتخلف العقلي

تتمثل الوقاية من الإصابة بالتخلف العقلي في اتخاذ الإجراءات المناسبة للحفاظ على صحة الجسم والعقل. وفي ما يلي أهم الإجراءات التي يمكن اتباعها :

  • الكشف المبكر عن التخلف العقلي بواسطة الفحص الطبي الدوري للأطفال. حيث يساعد الكشف المبكر على تحديد المشاكل الصحية والعلاج المبكر لها.
  • تطعيم الأطفال باللقاحات المناسبة للوقاية من الأمراض المعدية التي قد تؤدي إلى التخلف مثل اللقاح ضد الحصبة والنكاف والتهاب السحايا.
  • يجب على النساء الحوامل الالتزام بالعناية الكاملة بصحتهن وتجنب التعرض للمواد السامة والكحول والتدخين والتي يمكن أن تؤثر على صحة الجنين وتسبب التخلف العقلي.
  • يجب على الأهل توفير بيئة آمنة وصحية للطفل وتوفير الرعاية الجيدة له ، بما في ذلك التغذية الصحية والنوم الكافي والتفاعل الاجتماعي والنشاط البدني والتعليم المناسب لعمره.
  • إجراء فحوصات ما قبل الولادة ، خاصة إذا كان هناك تاريخ عائلي للتخلف العقلي. حيث يمكن أن تساعد الفحوصات في تشخيص الحالات في مراحل مبكرة.
  • الإكثار من الفيتامينات والمغذيات الدقيقة التي يحتاجها الجنين ، مثل حمض الفوليك.

تشخيص التخلف العقلي

يتم تشخيص التخلف العقلي بناءً على اختبار الذكاء العام ، وتقييم القدرات العقلية والسلوكية والاجتماعية للفرد. وتعتمد درجة التخلف العقلي على درجة الذكاء العام للفرد المقيم بالاختبارات.

ويتم استخدام اختبارات الذكاء العام الموحدة مثل اختبار ويسلر (Wechsler Intelligence Scale) أو اختبار ستانفورد بينيه (Stanford-Binet Intelligence Scale) لتحديد درجة الذكاء العام عند الفرد. وتعتبر درجة الذكاء العام الأقل من 70 (بناءً على المقاييس) مؤشراً على وجود التخلف العقلي.

غالباً ما يتم اكتشاف هذا المرض في سن مبكرة. ويتم تشخيص التخلف العقلي الناجم عن أسباب وراثية في رحم الأم مثل متلازمة داون ، من خلال إجراء فحص في الأشهر الأولى من الحمل. يساعد هذا الفحص الأم على تحديد ما إذا كانت ستستمر في الحمل أو إنهائه.

وهناك أشكال من التخلف العقلي تحدث على خلفية تخلف نظام معين في الطفل. مثل بيلة الفينيل كيتون. في هذا المرض لا يختلف الأطفال الذين يولدون مصابين به عن الأطفال الأصحاء. لكن ، بعد بضعة أشهر من الولادة ، يصيبهم خمول ، ويظهر الطفح الجلدي ، ويلاحظ التعرق المفرط برائحة كريهة. إذا تم العلاج قبل أن يبلغ الطفل 3 أشهر ، فمن الممكن الحفاظ على الذكاء عنده.

لذلك ، من الضروري أن يتم فحص الطفل بانتظام من قبل طبيب أطفال في سن الرضاعة المبكرة. وإذا اشتبه الطبيب في حدوث تخلف عقلي أثناء الفحص ، فسيقوم بإحالة الطفل إلى طبيب أعصاب. وإجراء اختبارات البول والدم ، وأحياناً تخطيط للدماغ. أما الأطفال الأكبر سناً  فيمكن أن يتم عرضهم على مرشد نفسي للأطفال أو طبيب نفساني أو أخصائي نفسي.

علاج التخلف العقلي

يختلف علاج التخلف العقلي من شخص لآخر ، ويعتمد على درجة التخلف والاحتياجات الفردية للشخص المصاب. ومن بين العلاجات المستخدمة للتخلف العقلي :

1- التدخل التربوي

هو أحد أهم العلاجات المستخدمة في علاج التخلف العقلي ، حيث يهدف إلى تحسين قدرات الشخص المصاب بالتخلف وتعليمه المهارات اللازمة للتكيف مع الحياة اليومية والاجتماعية.

ويتضمن التدخل التربوي تقديم برامج تعليمية وتدريبية خاصة للأشخاص المصابين ، وتشمل هذه البرامج تدريبات على المهارات الأساسية مثل التحدث والاستماع والقراءة والكتابة والحساب ، وكذلك تدريبات على المهارات الاجتماعية والسلوكية ، مثل التعاون والتفاعل مع الآخرين والتحكم في الانفعالات.

ويمكن تنفيذ التدخل التربوي في بيئات مختلفة ، بما في ذلك المدارس والمراكز التعليمية والمراكز الصحية والمراكز الاجتماعية. ويستخدم التدخل التربوي أساليب مختلفة ، مثل التدريس الفردي والتدريس الجماعي والتدريب العملي والأنشطة الترفيهية والألعاب التعليمية.

2- العلاج النفسي

يستخدم لمساعدة الأشخاص المصابين بالتخلف العقلي على تحسين مهاراتهم الاجتماعية والتواصلية والتعلمية. ويتضمن العلاج النفسي العديد من الأساليب المختلفة ، من أهمها :

  • العلاج السلوكي : يستخدم لتعديل السلوكيات الغير مرغوبة للأشخاص المصابين ، وتعزيز السلوكيات الإيجابية والمفيدة.
  • العلاج المعرفي : يستخدم للمساعدة في تحسين القدرة على التفكير والتعلم والتكيف مع الحياة اليومية لدى الأشخاص المصابين. ويتضمن العلاج المعرفي تعليم المهارات المعرفية التي تساعد الشخص على فهم الأمور بشكل أفضل واتخاذ القرارات الصحيحة.
  • العلاج العائلي : يستخدم لمساعدة أفراد الأسرة على فهم احتياجات الشخص المصاب بالتخلف ، وتقديم الدعم اللازم له. ويتضمن العلاج العائلي تدريب الأسرة على كيفية التعامل مع الشخص المصاب وتحسين الاتصال والتواصل بين أفراد الأسرة.

3- العلاج الدوائي

يمكن استخدام بعض أنواع الأدوية في علاج التخلف العقلي ، ولكن يجب أن يتم ذلك بعناية وتحت إشراف طبيب مختص في ذلك ، حيث أن استخدام الأدوية يعتمد على الحالة الصحية الفردية وأعراض التخلف العقلي. من بين الأدوية المستخدمة في علاج التخلف العقلي :

  • الأدوية المحفزة للتركيز : تستخدم لعلاج اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة (ADHD) الذي يصاحب التخلف في بعض الحالات. تعمل هذه الأدوية على تحسين الانتباه والتركيز وتقليل القلق والتوتر.
  • مضادات الاكتئاب : تستخدم في بعض الحالات لتحسين المزاج والاستجابة العاطفية للأشخاص المصابين.
  • مضادات الذهان : تستخدم لعلاج اضطرابات الذهان التي يمكن أن تصاحب التخلف في بعض الحالات.
  • الأدوية المضادة للاضطرابات الوظيفية العصبية : تستخدم لعلاج الاضطرابات الوظيفية العصبية التي يمكن أن تصاحب التخلف العقلي في بعض الحالات ، مثل اضطرابات الحركة والتهاب الأعصاب.

4- العلاج الاجتماعي

يستخدم لمساعدة الأشخاص المصابين بالتخلف العقلي على تحسين قدراتهم الاجتماعية والتواصلية والوظيفية. ويتضمن العديد من الأساليب ، ومن بينها :

  • التدريب على المهارات الاجتماعية : يستخدم هذه الأسلوب لتعليم الأشخاص المصابين المهارات الاجتماعية الأساسية ، مثل التعرف على المشاعر والتعامل مع الآخرين بطريقة لائقة وتحسين الاتصال والتواصل الاجتماعي.
  • التدريب المهني : يستخدم لتعليم الأشخاص المصابين المهارات اللازمة للعمل في بيئة العمل ، وتحسين قدراتهم الوظيفية والتحليلية والتنظيمية.
  • التدريب الذاتي : يستخدم لتعليم الأشخاص المصابين كيفية تنظيم حياتهم اليومية وتحقيق أهدافهم الشخصية ، وتحسين الاستقلالية والمسؤولية الذاتية.
  • التدريب المنزلي : يستخدم لتعليم الأشخاص المصابين المهارات الأساسية للحياة المنزلية ، مثل النظافة الشخصية وإعداد الطعام والتسوق وإدارة المال.

5- العلاج الوظيفي

يهدف إلى تحسين قدرة الأفراد على القيام بالأنشطة اليومية والتفاعل الاجتماعي والعملية الحركية. ويعتبر جزءاً أساسياً من العلاج المتكامل للأشخاص الذين يعانون من التخلف العقلي.

يهدف العلاج الوظيفي إلى تحسين القدرات الحركية والذهنية والاجتماعية والحسية للأفراد الذين يعانون من تخلف عقلي. ويتم ذلك من خلال استخدام تقنيات وأدوات مختلفة لتطوير وتعزيز القدرات والمهارات الحياتية الأساسية.

أسئلة شائعة حول التخلف العقلي

كيف تتعامل مع المتخلف عقلياً؟

في ما يلي بعض النصائح التي تساعدك في التعامل مع المتخلف عقلياً :

  • كن صبوراً وهادئاً. حيث يحتاج الطفل المصاب بالتخلف لوقت أكثر للفهم والاستيعاب.
  • يجب استخدام لغة بسيطة ومباشرة ، وتجنب الكلام المعقد.
  • التكلم ببطء وبصوت واضح ، ورفع الصوت قليلاً إذا لزم الأمر.
  • استخدام الإيماءات والتعابير الوجهية. لأنها قد تساعد في توصيل المعنى بشكل أفضل.
  • كرر المعلومات المهمة عدة مرات. وتأكد من فهم الطفل لما تقول.
  • ركز على تشجيع السلوكيات الإيجابية وتفادي التوبيخ أو النقد.
  • تجنب التحكم أو فرض السيطرة الزائدة.
  • ساعد الطفل على تحقيق أكبر قدر من الاستقلالية.
  • تفاعل مع الطفل دون تحيز أو تحامل.
  • تجنب التعامل معه كطفل. اعترف بالشخصية وكرامة الشخص.
  • تجنب النكت أو المزاح على حساب إعاقته.

ما الفرق بين التخلف العقلي والتوحد؟

يختلف التخلف العقلي والتوحد في العديد من الجوانب. ومع ذلك ، يمكن أن يكون بعض الأشخاص مصابين بالتخلف العقلي والتوحد في نفس الوقت ، وهذا يعرف باسم “اضطراب طيف التوحد المترافق بالتخلف العقلي”. أما في ما يخص الفرق بينهما ، فيشمل :

  • النمو : يبدأ الأشخاص المصابون بالتوحد حياتهم بشكل طبيعي ثم يفقدون المهارات الاجتماعية واللغوية ولا يعانون من أعراض جسدية. في حين أن الأشخاص المصابين بالتخلف يظهرون نمواً منخفضاً منذ الولادة ويمكن أن تظهر عليهم أعراض جسدية.
  • الذكاء : الأشخاص المصابون بالتوحد يمتلكون معدل ذكاء طبيعي. بينما يكون معدل الذكاء عند الأشخاص المصابين بالتخلف منخفضاً.
  • اللغة : غالباً ما يظهر الأشخاص المصابون بالتوحد تأخراً في تطور اللغة. في حين أن معظم الأشخاص المصابين بالتخلف العقلي لا يكتسبون قدرات لغوية طبيعية أبداً.
  • السلوك : غالباً ما تكون أنماط السلوك محددة ومكررة لدى الأشخاص المصابين بالتوحد. بينما يميل الأشخاص المصابون بالتخلف إلى عرض سلوكيات عدوانية واندفاعية أكثر.

هل التخلف العقلي وراثي؟

يمكن أن يكون التخلف العقلي وراثياً في بعض الحالات ، ولكن هذا لا ينطبق على جميع الحالات. فقد يكون التخلف العقلي ناتجاً عن عوامل مختلفة ، بما في ذلك العوامل البيئية والوراثية والصحية والتغذية والتنموية.

كيف أعرف أن أبني عنده تخلف عقلي؟

من الصعب تحديد ما إذا كان طفلك يعاني من التخلف العقلي أو لا في وقت مبكر وبدون عرضه على طبيب مختص ، حيث أن الأطفال في مراحل التطور المختلفة يظهرون اختلاف في قدراتهم العقلية والجسدية. ومع ذلك ، فإن هناك بعض العلامات التي يمكن أن تشير إلى وجود مشكلة في التطور العقلي لدى الطفل ، تشمل :

  • تأخر في بلوغ المراحل العقلية والحركية مقارنة بالأطفال في نفس العمر ، مثل عدم اكتساب الطفل الكلام أو القدرة على الكلام بشكل مفهوم عند سن معينة.
  • عدم قدرة الطفل على القيام بمهام معينة بشكل مستقل عند سن معينة مثل الذهاب إلى الحمام أو لبس ملابسه بنفسه.
  • عدم القدرة على الاستجابة للأوامر البسيطة أو الأسئلة بطريقة مناسبة للعمر.
  • صعوبة في التفاعل الاجتماعي ، مثل قلة التواصل اللفظي أو غياب نظرات العيون المباشرة أو الابتسامة.
  • يواجه الطفل صعوبة في التعلم أو الاستيعاب.
  • صعوبة في التعلم والتذكر ، وعدم القدرة على تطوير المهارات الأساسية مثل القراءة والكتابة والحساب.
  • مشاكل في السلوك ، مثل العدوانية أو الهدوء الزائد أو تكرار نفس السلوك بشكل متكرر

يجب عليك استشارة طبيب الأطفال أو مختص في التخلف العقلي لتقييم الطفل وإجراء الاختبارات اللازمة. ويجب التأكد من أن التشخيص يتم بواسطة مختصين مؤهلين في هذا المجال وباستخدام أساليب قياس موثوقة ومعتمدة.

سير مرض التخلف العقلي ومآله

يختلف سير مرض التخلف العقلي من شخص لآخر ويعتمد على السبب الأساسي للمرض وشدته والتدخلات المتاحة للمعالجة والدعم.

ففي بعض الحالات ، يمكن أن يكون التخلف العقلي خفيفاً ويعيش الشخص بشكل مستقل عند بلوغه ، ولكنه يحتاج إلى بعض الدعم في الحياة اليومية. أما في حالات التخلف العقلي الشديدة أو العميقة ، فإن الشخص يحتاج إلى دعم شخصي وطبي واجتماعي شامل للحصول على رعاية وعناية مستمرة.

من أجل تحسين الحالة المعيشية للأشخاص المصابين بالتخلف العقلي ، يتطلب الأمر توفير الأساليب التدريبية والتعليمية المناسبة لتطوير المهارات الحياتية والعملية ، وكذلك تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والطبي اللازم.

زر الذهاب إلى الأعلى