اضطرابات القلق

يختلف اضطراب القلق عن القلق الطبيعي أو التوتر الذي يتعرض له الشخص عند مواجهة مشكلة معينة ، أو عند اتخاذ قرارات مهمة ، حيث أن اضطراب القلق يكون بدرجة أعلى من القلق أو التوتر الطبيعي ، ويسبب للشخص ضيق كبير مما يجعله غير قادر على عيش حياته بشكل طبيعي. وهذا ما سوف نتناوله في ما يلي.

اضطرابات القلق

اضطرابات القلق

تعد اضطرابات القلق من الاضطرابات النفسية الشائعة بشكل كبير في العالم ، وتظهر لدى الشخص المصاب بهذا الاضطراب أعراض نفسية وجسدية ، حيث يستجيب الشخص المصاب بالخوف والرهبة عند تعرضه لموقف معين ، بالإضافة إلى أعراض جسدية مثل تسارع ضربات القلب والتعرق.

يتم تشخيص اضطرابات القلق عندما تكون استجابة الشخص غير مناسبة أو مبالغ بها عند تعرضه لموقف معين ، وأيضاً عندما لا يستطيع الشخص التحكم في استجابته ، وإذا لم يخضع المصاب للعلاج يمكن أن تتفاقم حالته.

أنواع اضطرابات القلق

هناك عدة أنواع لاضطرابات القلق تشمل ما يلي :

1. اضطراب القلق العام

هو اضطراب مزمن يتصف بالقلق المفرط والمستمر والخوف من أحداث ومواقف غير محددة في الحياة. يعد هذا الاضطراب الأكثر شيوعاً من بين الأنواع الأخرى ، وغالباً لا يتمكن الأشخاص المصابون من تحديد السبب الذي يجعلهم يشعرون بالقلق.

2. اضطراب الهلع

السمة الرئيسية لاضطراب الهلع هي نوبات الهلع المتكررة ، مصحوبة بمظاهر جسدية تحدث بشكل مستقل ولا علاقة لها بحالة معينة ، وتستمر هذه النوبات عادة لبضع دقائق فقط.

3. الرهاب

هو خوف غير عقلاني يجعل الشخص يتجنب شيء ما أو موقف معين ، ولا يعتبر الرهاب مثل أنواع القلق الأخرى ، حيث أنه يرتبط بسبب معين ، فالشخص المصاب بالرهاب يكون على معرفة بأن الخوف الذي يشعر به غير مبرر أو غير منطقي ، ولكن لا يمكنه السيطرة على خوفه عند تعرضه لهذه المواقف أو الأشياء.

4. رهاب الخلاء

يتصف هذا النوع من اضطرابات القلق بتجنب الشخص الأحداث والمواقف التي قد يكون من الصعب الهروب منها أو التي لا تتوفر بها المساعدة إذا أصبح الشخص محاصراً ، وغالباً ما يساء فهم هذه الحالة ويتم تشخيصها على أنها رهاب من الأماكن المفتوحة والخارج ، ولكن هي في الواقع تختلف عن هذه النظرة ، فيمكن أن يخشى الشخص المصاب برهاب الخلاء من مغادرة المنزل أو الركوب بالمصعد أو استخدام وسائل النقل العامة.

5. الصمت الانتقائي

يصاب بعض الأطفال بهذا النوع من القلق ، يتصف  هذا النوع بعدم قدرة الطفل على التحدث في بعض الأماكن مثل المدرسة على الرغم من أن الطفل المصاب قد يتمتع بمهارات لفظية ممتازة عند تحدثه مع الأشخاص المألوفين له.

6. الرهاب الاجتماعي

يعرف أيضاً باسم اضطراب القلق الاجتماعي ، يتمثل بالخوف من الحكم السلبي من قِبل الأخرين في المواقف الاجتماعية أو من الإحراج العام ، يشمل الرهاب الاجتماعي مجموعة من المشاعر مثل الخوف من المسرح والخوف من العلاقات والخوف من الرفض وعدم تقبل الناس.

7. اضطراب ما بعد الصدمة

اضطراب ما بعد الصدمة. يحدث هذا النوع من اضطرابات القلق بعد تعرض الشخص لصدمة كبيرة أو مشاهدته للصدمة ، ويمكن أن تشمل الصدمة تعرض الشخص لموت أحد الأشخاص المقربين أو الاعتداء الجنسي.

أسباب اضطرابات القلق

لا يوجد سبب دقيق أو محدد يؤدي إلى إصابة الشخص باضطرابات القلق ، يوجد عدة عوامل يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بأحد هذه الاضطرابات ، تشمل هذه العوامل ما يلي :

1. العوامل الوراثية

الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي معرضون للإصابة باضطرابات القلق أكثر من غيرهم ، حيث يمكن أن تزداد احتمالية إصابة الشخص عندما يكون له أقارب بالدم مثل الوالدين مصابون بهذه الاضطرابات.

2. العوامل الشخصية

تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لديهم سمات شخصية مثل المرتبكين أو الخجولين أو الذين يفتقدون احترام الذات هم أكثر عرضة للإصابة باضطرابات القلق من غيرهم من الأشخاص الآخرين.

3. العوامل البيئية

يمكن أن يصاب الأشخاص بأحد اضطرابات القلق بسبب تعرضهم لأحداث مجهدة في حياتهم ، من بين الأحداث التي يمكن أن تسبب القلق للشخص ، ضغوط العمل ، تغيير مكان الإقامة ، مشاكل الأسرة والعلاقات الاجتماعية ، التعرض لصدمة عاطفية كبيرة ، التعرض للاعتداء الجنسي أو الجسدي ، فقدان أحد الأقارب أو الأصدقاء المقربين بسبب الموت.

4. العوامل الجسدية

يمكن أن تسبب الأمراض الجسدية المزمنة مثل السكري ، الربو ، أمراض القلب ، القلق للشخص المصاب بها.

5. تعاطي الكحول والمخدرات

يمكن أن يؤدي تعاطي المخدرات وشرب الكحول إلى إصابة الشخص باضطرابات القلق ، كما يمكن أن يؤدي تعاطي المخدرات والكحول إلى تفاقم اضطرابات القلق لدى الأشخاص الذين يعانون من قلق خفيف.

أعراض اضطرابات القلق

هناك العديد من الأعراض التي تظهر لدى المثاب ، تختلف هذه الأعراض حسب نوع اضطراب القلق الذي يعاني منه الشخص وشدته ، هذه الأعراض تكون نفسية وجسدية ، وأيضاً هناك بعض الأعراض المرافقة ، من بين هذه الأعراض ما يلي :

1. الأعراض النفسية

  • الشعور بالخوف.
  • الشعور بالقلق المفرط والمستمر.
  • الغضب المفرط.
  • الشعور بالتهديد من المحيط.
  • اليقظة المفرطة.
  • الأرق.
  • صعوبة التركيز.
  • التذمر وعدم القدرة على الاسترخاء.

2. الأعراض الجسدية

  • الدوار ( دوخة ).
  • الإغماء.
  • رعشة أو توتر في الجسم.
  • آلام في العضلات.
  • مشاكل في الأكل مثل صعوبة بلع الطعام.
  • تسارع نبضات القلق.
  • ضيق في الصدر.
  • صعوبة في التنفس.
  • الشعور بالغثيان.
  • الشعور بالتعب والإرهاق.
  • التعرق.
  • جفاف الفم.
  • وجع الرأس
  • ألم في الظهر

3. الأعراض المرافقة

  • الخوف من الموت.
  • الخوف من فقدان السيطرة أو الوعي.
  • الشعور بأن الأشياء ليست حقيقية.

بالإضافة إلى ما تم ذكره من أعراض ، قد يعاني الأشخاص المصابون بالرهاب الاجتماعي ، وهو نوع من أنواع اضطرابات القلق من تجنب المواقف الاجتماعية ، والشخص الذي يعاني من الرهاب الاجتماعي يكون في غاية الخجل والهدوء عندما يكون متواجد بين الناس أو عند مقابلة شخص جديد. وعلى الرغم من أنه قد لا يظهر القلق عليه ، إلا أنه في الداخل يشعر بالخوف الشديد والقلق.

كما يمكن أن يبدوا الشخص المصاب بالرهاب الاجتماعي متعجرف أو غير ودود ، ولكن في الحقيقة ، هذا الاضطراب مرتبط بتدني احترام الذات والانتقاد الشديد للذات والاكتئاب.

أيضاً شعور الشخص بخوف غير منطقي يمكن أن يكون علامة على إصابة الشخص بالرهاب ، ومن بين الأشياء التي تثير الشعور بالرهاب ما يلي :

  • الخوف من الحيوانات أو حشرات معينة.
  • الخوف من الأحداث الطبيعية مثل الأعاصير أو الفيضانات.
  • الخوف من الدم ، الحقن ، الإصابات.
  • الخوف من مواقف معينة ، مثل ركوب الطائرة أو المصعد.

كما تتمثل أعراض رهاب الخلاء بما يلي  :

  • الخوف من استخدام وسائل النقل العام.
  • الخوف من المساحات المفتوحة.
  • الخوف من الأماكن المغلقة.
  • التواجد بين حشد من الناس.
  • البقاء في المنزل وحيداً.

تشخيص اضطرابات القلق

لتشخيص اضطرابات القلق يقوم الطبيب باستخدام اختبارات تشخيصية متنوعة لاستبعاد المرض الجسدي كسبب يمكن أن يؤدي إلى ظهور أعراض اضطرابات القلق ، في حال لم يتم العثور على مرض جسدي ، تتم إحالة الشخص إلى طبيب نفسي أو أخصائي نفسي في علم النفس ، ويستخدم الأطباء النفسيون وعلماء النفس أدوات مقابلة وتقييم مصممة خصيصا لتقييم اضطرابات القلق.

يبني الطبيب تشخيصه على شدة الأعراض ومدتها ، بما في ذلك مشاكل الأداء اليومي ، وموقف وسلوك المريض. ثم يحدد الطبيب ما إذا كانت الأعراض ودرجة الخلل الوظيفي تشير إلى أحد اضطرابات القلق.

هناك عدد من المعايير التي يجب أن تكون موجودة عند الشخص ، والتي يبني الطبيب تشخيصه عليها ، من بين هذه المعايير ما يلي :

  • وجود قلق شديد.
  • استمرار القلق لمدة لا تقل عن ستة أشهر.
  • عدم قدرة الشخص على السيطرة على القلق.

هناك بعض الأعراض الجسدية والمعرفية أيضاً التي تكون مرافقة لاضطرابات القلق ، ويتم الاعتماد عليها عند تشخيص الاضطراب ، من بين هذه الأعراض ما يلي :

  • الغثيان.
  • التعب.
  • ضعف التركيز.
  • الغضب.
  • آلم في العضلات.
  • صعوبة في النوم.

علاج اضطرابات القلق

هناك العديد من الخيارات العلاجية الفعالة للقلق والاضطرابات المرتبطة به ، تقسم هذه العلاجات بشكل أساسي إلى العلاج النفسي ، والعلاج الدوائي ، بالإضافة إلى العلاجات التكميلية والبديلة.

خلال العلاج يمكن أن يجمع الطبيب أو الأخصائي النفسي بين هذه العلاجات لتحقيق نتائج أفضل ، ولمساعدة المريض على التخلص أو لتخفيف قلقه.

العلاج النفسي

هناك العديد من العلاجات النفسية المستخدمة في علاج اضطرابات القلق. يعتبر العلاج النفسي علاج طويل الأمد ، يهدف إلى مساعدة المريض على إدارة عواطفه ، وأيضاً إدارة التوتر ، وفهم أنماط السلوك التي تؤثر على علاقاته الشخصية. من أنواع العلاجات النفسية التي تستخدم في علاج اضطرابات القلق ما يلي :

1. العلاج السلوكي المعرفي

العلاج المعرفي السلوكي هو علاج قصير الأمد مصمم لمساعدة المرضى على تحديد التفكير السلبي وغير الدقيق في المواقف التي تسبب القلق لديهم . يمكن استخدام العلاج المعرفي السلوكي بشكل فردي أو جلسات جماعية مع الأشخاص الذين يواجهون مشاكل مماثلة.

يركز العلاج السلوكي المعرفي بشكل أساسي على المشاكل المستمرة في حياة الشخص ، ويساعد الشخص على تطوير طرق جديدة لمعالجة المشاعر والأفكار والسلوكيات وتعليمه طرق أكثر فاعلية للتعامل مع حياته​​.

تتراوح مدة العلاج بين 10 إلى 15 جلسة في الأسبوع ، وتكون مدة كل جلسة ساعة واحدة حسب نوع وشدة الاضطراب الذي يعاني منه المصاب.

2. العلاج بالتعرض

العلاج بالتعرض هو نوع  من العلاج المعرفي السلوكي ، يستخدم لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة والرهاب. الهدف من هذا العلاج هو مساعدة الشخص على التغلب على الضيق الشديد الذي يعاني منه من خلال تذكيره بصدمات سابقة أو مواجهة مخاوفه.

يتم تعريض الشخص إلى ذكرياته الصادمة أو مخاوفه. ثم يوجه المعالج الشخص لاستخدام تقنيات التأقلم مثل اليقظة أو الاسترخاء. الهدف من هذا العلاج هو مساعدة الشخص على إدراك أن الذكريات المتعلقة بالصدمات لم تعد خطيرة ولا داعي لتجنبها. يستمر هذا النوع من العلاج عادة من 8 إلى 16 جلسة أسبوعية.

3. إزالة حساسية حركة العين وإعادة المعالجة

هو علاج نفسي يخفف من الضيق والاضطرابات العاطفية التي تنشأ من ذكريات الأحداث الصادمة. يقدم هذا العلاج في المقام الأول لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة. تدوم جلسات هذا العلاج عادة من 50 إلى 90 دقيقة ، ويتم إجراؤها أسبوعيا لمدة 1 إلى 3 أشهر.

4. العلاج السلوكي الجدلي

يقوم هذا العلاج على تعليم الشخص كيفية تطوير المهارات الخاصة بكيفية تنظيم عواطفه وإدارة الإجهاد واليقظة والفعالية الشخصية.

تم تطوير هذا النوع من العلاج لاستخدامه في جلسات علاج فردية أو جلسات جماعية. عادة ما يكون هذا العلاج طويل الأمد حيث يمكن أن يستمر لمدة عام أو أكثر.

5. علاج القبول والالتزام

هو نوع من العلاج المعرفي السلوكي الذي يشجع المرضى على اكتساب سلوكيات إيجابية حتى في ظل وجود أفكار وسلوكيات سلبية. يعد هذا العلاج مفيد بشكل خاص في علاج اضطراب القلق العام والاكتئاب. وتختلف مدة العلاج حسب شدة الأعراض.

6. العلاج بمساعدة الأسرة

يشمل هذا العلاج عائلة الشخص المصاب لمساعدتهم على تحسين التواصل وتطوير مهارات أفضل لحل النزاعات.

العلاج الدوائي

يتم استخدام الأدوية في بعض الأحيان بشكل مرافق للعلاج النفسي ، ولكن يمكن أن تظهر بعض الأعراض الجانبية عند تناول الأدوية. تشمل هذه الأدوية ما يلي :

1. مضادات الاكتئاب

مضادات الاكتئاب هي أدوية مستخدمة لعلاج أعراض الاكتئاب ، ولكن يمكن استخدامها أيضا لعلاج أعراض القلق ، من بين مضادات الاكتئاب ما يلي :

  • مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية ( SSRI ) .
  • مثبطات إعادة امتصاص النوربينفرين ( SNRI ) هي الفئة الأساسية لمضادات الاكتئاب المستخدمة لعلاج القلق.
  • مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية المستخدمة بشكل شائع لعلاج القلق.
2. بوسبيرون

هو دواء محدد لعلاج القلق. لهذا الدواء فعالية عالية لاضطراب القلق العام ، ويستخدم بشكل خاص للحد من المشاكل المعرفية والشخصية المرتبطة بالقلق. ولكن هناك بعض الآثار الجانبية لهذا الدواء مثل الدوخة والعصبية والصداع.

3. البنزوديازيبينات

هي مهدئات موصوفة للقلق والصرع وانسحاب الكحول والتشنجات العضلية. تظهر البنزوديازيبينات فعالية قصيرة المدى في علاج اضطراب القلق العام . وقد يصف الطبيب هذه الأدوية لفترة محدودة لتخفيف أعراض القلق الحادة.

العلاجات التكميلية والبديلة

يمكن استخدام العلاجات التكميلية والبديلة مع العلاجات النفسية أو الدوائية  لتقليل الأعراض ، حيث يستخدم هذا النوع من العلاجات للمساعدة في تحسين حالة الشخص المصاب ، من بين هذه العلاجات ما يلي :

التأمل ، الاسترخاء التدريجي ، التخيل الموجه ، والتنويم المغناطيسي الذاتي وتمارين التنفس العميق.

زر الذهاب إلى الأعلى