النمو الحسي عند الأطفال

تعد الحواس النوافذ التي يتصل من خلالها الإنسان مع بيئته المحيطة ، حيث أن الإنسان من خلالها يستقبل المثيرات من العالم الخارجي ومن ثم ينقلها إلى الجهاز العصبي.

النمو الحسي عند الأطفال

مرحلة الطفولة تقسم إلى خمس مراحل فرعية ، وفي كل مرحلة من هذه المراحل ينو الطفل ليصل إلى المرحلة التالية ، ويشمل هذا النمو عدة جوانب فيزيولوجية واجتماعية وجسدية وانفعالية وحسية…ألخ ، وسوف نتناول بالذكر على وجه الخصوص النمو الحسي عند الأطفال في هذه المراحل كل على حدا.

النمو الحسي عند الوليد

تبدأ هذه المرحلة منذ ولادة الطفل إلى أن يصبح بعمر الأسبوعين. وفي هذه المرحلة تكون العينين أقل الحواس اكتمالا ، لكن منذ الميلاد يتحسس الطفل ويستجيب للضوء الساطع وتتابعه.

وتكون الاستجابة بتحريك الرأس كله لا العينين فقط. ويلاحظ أيضا تركيز البصر في نهاية اليوم الأول. والتناسق والتآزر بين العينين لا يكون تاما حتى أواخر الشهر الثاني. وتكون الرؤية ضعيفة على بعد أكثر من مترين.

وأما السمع فيكون جهاز السمع كاملا عند الولادة إلا أن الاستجابة السمعية لا تكون موجودة بسبب وجود مادة سائلة في قناة استاكيوس بالأذن تمنع الطفل من الاستجابة. وبعد عدة أيام تبدأ هذه المادة بالزوال ويصبح الطفل قادرا على الاستجابة للأصوات العالية والمتوسطة والمفاجئة مع عدم استجابته للأصوات المنخفضة.

والطفل في هذه المرحلة لا يفهم دلالات الأصوات التي يسمعها ، ويلاحظ على الطفل عند سماعه الأصوات العالية حركات جسمية وإغلاق الجفنين وتغير في معدل التنفس.

وأما الشم فيتصف بالضعف والبدائية حيث أن الطفل يستجيب فقط للروائح القوية ولا يميز الروائح الضعيفة. كما أن حاسة الذوق تكون ضعيفة وتستجيب فقط للمواد الحلوة والمرة.

والطفل في هذه المرحلة يستجيب للإحساسات الجلدية حيث أن حاسة اللمس تكون قوية لديه ، ويستجيب للسخونة والبرودة.

كما أن الطفل يستجيب لإحساسه بالجوع والعطش بالبكاء. كما أن الإحساس بالألم موجود إلا أنه ضعيف في الأسبوع الأول ويزداد في الأسبوع الثاني.

النمو الحسي عند الرضيع

تمتد هذه المرحلة من عمر أسبوعين حتى عامين. وتتميز بصفة عامة بسرعة نمو الوظائف الحسية وإضفاء المعاني على المثيرات الحسية.

يستجيب الطفل حسيا للأشياء المتحركة حوله وفي جسمه ، ومع التقدم في النمو تصبح الخبرات الحسية أكثر معنى تؤدي لسلوك هادف حيويا واجتماعيا.

وأما البصر فيزداد الإدراك البصري تمايزا ووضوحا ، وتنمو الكفاية البصرية بسرعة ، وفي الشهر التاسع يستطيع الطفل أن يرى ويلتقط الأجسام الدقيقة. ويستطيع الرضيع أيضا إدراك الألوان العادية في الشهر الثالث إلا أن التمييز بينها يكون صعبا.

كما يستطيع الطفل إدراك العمق فهو يستطيع تجنب المثيرات التي توحي بتغير مفاجئ بالعمق.

أما السمع فالطفل يصبح قادرا على التمييز بين درجات الأصوات المتباينة ويدرك الفرق بينها في الشهر الرابع وما بعده. ويستطيع تحديد مصدر الصوت في حوالي الشهر الخامس

وأما الإحساسات الحشوية التي تتضمن الإحساس بحالة الأحشاء والعطش والجوع وامتلاء المعدة والمثانة. فيلاحظ تحكم الطفل في عملية التبرز ثم التبول وذلك نتيجة للتدريب.

أما حاسة الشم فتتطور في هذه المرحلة تدريجيا حتى يصبح الطفل قادرا على الاستجابة للمثيرات الشمية المختلفة على شكل ارتياح أو انزعاج.

وأما عن حاسة الذوق فيصبح الطفل قادرا على التمييز بين الحلو والمالح والحامض والمر.

وأما عن الإدراك الحسي فيلاحظ أن سيطرة الرضيع على المشي تؤدي إلى اتساع مجاله الإدراكي في بيئته. إلا أن نقص خبرته يجعل الكثير من إحساساته بدون معنى.

ومع التقدم في النمو تدريجيا تزداد خبرته وتصبح إحساساته ذات دلالة ومعنى ويربط الطفل بين الحواس المختلفة ، فهو يدرك أمه عندما يرى وجهها أو يسمع صوتها أو يلامسها. ومن خلال هذه الإحساسات المرتبطة تتكون صورة الأم والأب.. ألخ.

وفي هذه المرحلة يزداد إدراك الطفل للعالم المحيط به. ويكون إدراك الزمن غامضا فلا يستطيع أن يميز بين الماضي والحاضر والمستقبل. ويكون إدراك الطفل في بداية هذه المرحلة خاليا من الرموز أما في نهايتها فإنه يدرك الأشياء برموزها اللغوية التي تحل تدريجيا محل الأشياء نفسها.

النمو الحسي في الطفولة المبكرة

تمتد هذه المرحلة من سنتين إلى ست سنوات. وتتميز بتعلم الطفل أسماء الإتجاهات وإدراك العلاقات المكانية ، وفي سن الثالثة من العمر يعتمد الطفل في إدراكه على أسماء الأشياء لا على ألوانها. وأما في السادسة من العمر فيكون الاعتماد على الألوان أكثر.

وفي بداية هذه المرحلة يكون إدراك المسافات غير دقيق. كما أن الطفل في العام الثالث يستطيع أن يقارن بين الأحجام المختلفة. أما عن إدراك الأوزان فلا يستطيع الطفل إدراك الفرق الدقيق بين الأوزان المتقاربة.

وأما عن إدراك الزمن فالطفل في سن الثانية لا يدرك سوى الحاضر. وفي الثالثة يصبح قادرا على إدراك المستقبل. وفي الرابعة يدرك المدلول الزمني للماضي. وفي سن الخامسة يستطيع الطفل إدراك تسلسل الأحداث ويعرف الأيام وعلاقتها بالأسبوع.

وأما عن البصر فيتميز بالطول وسهولة رؤية الكلمات الكبيرة والقدرة على التمييز بين الألوان وتسميتها. وفي هذه المرحلة يتطور السمع تطورا سريعا من حيث قوة التمييز السمعي. ويلاحظ نمو حاسة الإيقاع ويلاحظ أيضا أهمية حاسة السمع بالنسبة للنمو اللغوي.

وأما حاستي الشم والذوق ففي هذه المرحلة تهدفان إلى حماية عملية التغذية من الأشياء الضارة.

النمو الحسي في الطفولة المتوسطة

تبدأ هذه المرحلة من عمر 6 إلى 9 سنوات ، وتشمل الصفوف الثلاث الأولى من المدرسة الابتدائية.

وتتميز هذه المرحلة بنمو الإدراك الحسي أكثر من مرحلة الطفولة المبكرة ، فيلاحظ في إدراك الزمن أن الطفل يصبح مدركا لفصول السنة في السابعة من عمره. ويدرك أشهر السنة في الثامنة ، كما يصبح قادرا على إدراك المدى الزمني للدقيقة والساعة والأسبوع والشهر ، وينمو إدراكه للمسافات أكثر من المرحلة السابقة.

كما تزداد في هذه المرحلة قدرة الطفل على إدراك الأعداد فيتعلم العمليات الحسابية الأساسية. ومع بداية المرحلة الابتدائية يصبح الطفل قادرا على التمييز بين الأحرف الهجائية المختلفة.

ويظل البصر في هذه المرحلة طويلا عند معظم الأطفال ، بينما يكون عدد قليل من الأطفال لديهم قصر نظر ، ويزداد أيضا التوافق البصري اليدوي.

كما تستمر حاسة السمع بالتطور والنضج ولكن لا تكون ناضجة تماما. وتكون حاسة اللمس في هذه المرحلة قوية أكثر من عند الراشدين.

النمو الحسي في الطفولة المتأخرة

تمتد من 9 سنوات حتى 12 سنة ، وتشمل الصفوف الثلاث الأخيرة من المدرسة الابتدائية. وفي هذه المرحلة تكون الحواس قد اقتربت من الاكتمال.

وفي هذه المرحلة يتطور الإدراك الحسي وبشكل خاص إدراك الزمن حيث يلاحظ قدرة الطفل على إدراك المدلولات الزمنية والتتابع الزمني للأحداث التاريخية.

كما يميز الطفل في هذه المرحلة بدقة أكثر الأوزان المختلفة. ويزول طول البصر ويستطيع الطفل رؤية الأشياء القريبة من بصره بدقة أكثر ولمدة أطول من المراحل السابقة.

وتزداد أيضا دقة السمع ويصبح الطفل قادرا على تمييز الأنغام الموسيقية بدقة. وتتحسن الحاسة العضلية باطراد حتى سن 12 ، وهذا عامل هام من عوامل المهارة اليدوية.

المرجع : علم النفس النمو الطفولة والمراهقة / الدكتور عبد السلام زهران / تحديث وتعديل موقع المصدر النفسي. 

زر الذهاب إلى الأعلى