تعريف حل المشكلات ، استراتيجيات حل المشكلات

يعد حل المشكلات أحد العمليات العقلية المهمة ، وقد تعددت صور تناول حل المشكلات فيما بين عملية عقلية ، أو أساليب التعلم والتعليم ، أو مهارات يجب تنميتها. ومن خلال شرحنا التالي سوف نتعرف على تعريف حل المشكلات وأنواع المشكلات بالإضافة إلى استراتيجيات حل المشكلات.

تعريف حل المشكلات

تعددت تعريفات حل المشكلات وفق المنظور الذي يتناوله كل فرد يهتم بحل المشكلات ، ومن أهم هذه التعريفات :

فيعرف مالين حل المشكلة على أنها عملية البحث خلال شبكة لخطوات الحل الممكنة بين الموقف الأصلي والهدف الذي لا يكون من السهل الوصول إليه.

ويعرف شكري سيد أحمد حل المشكلة على أنها سلوك يستخدم فيه المتعلم كل ما لديه من معارف مكتسبة سابقة لتحقيق ما يتطلبه الموقف غير المألوف ، وعلى المتعلم أن يطبق ذلك في مواقف مختلفة وجديدة.

كما تعرف حل المشكلة على أنها سلوك يحتاجه كل شخص يمارس نشاطاً طوال يومه وذلك عندما يكون أمامه هدف يسعى لتحقيقه ولكن توجد بعض العقبات تحول دون تحقيقه.

ويعرفها فتحي جروان على أنها مجموعة من السلوكيات والعمليات الفكرية الموجهة لأداء مهمة ذات متطلبات عقلية معرفية ، وقد تكون المهمة حل مسألة حسابية.

ويعرف روبرت سولسو حل المشكلة بأنها التفكير الموجه نحو حل موقف بعينه مع القيام بنوعين من النشاط العقلي هما التوصل إلى استجابات محددة وصياغتها ثم اختيار الاستجابات الملائمة من بينها لحل هذا الموقف.

ويعتبر إسماعيل الأمين أن عملية حل المشكلات من أعقد الأنشطة العقلية ، لكونها نشاطاً عقلياً عالياً يتضمن الكثير من العمليات العقلية المتداخلة مثل : التخيل والتصور والتعميم والتذكر والتحليل والتركيب ، وسرعة البديهة والاستبصار والمهارات والقدرات العامة والعمليات الانفعالية ، وذلك ما جعل من عملية حل المشكلات عملية معقدة لها العديد من الجوانب.{1}

مراحل حل المشكلة

يحاول الفرد يومياً حل عشرات المشكلات التي تعترض طريقه مثل حل المشكلات الاجتماعية أو الفوز في لعبى شطرنج وغيرها. والحل مهما كان نوعه وطبيعته لا بد له أن يسير وفق خطوات ومراحل ، وهناك العديد من النظريات ووجهات النظر المختلفة حول طبيعة هذه المراحل. وسوف نقوم بذكر مراحل حل المشكلة حسب وجهة نظر ستيرنبرغ 2003.

حيث يرى ستيرنبرغ أن مراحل حل المشكلة تمر بسبع مراحل تسير بشكل دائري حيث سماها دوائر حل المشكلات. وتشمل المراحل التالية :

  • التعرف على المشكلة : ويقصد بها التعرف على وجود عائق يمنع تحقيق هدف معين وإدراك ذلك لأن ما يعتبر مشكلة لشخص ما قد لا يكون مشكلة لشخص آخر.
  • تحديد المشكلة : حيث يجب تحديد المشكلة بطريقة تمكن الفرد من التعامل معها ووضع آليات الحل.
  • بناء استراتيجية الحل : وتتطلب هذه المرحلة التفكير في استراتيجية للحل من خلال تحليل المشكلة أو الهدف ووضع الطرق المناسبة للتعامل معها.
  • تنظيم المعلومات حول المشكلة : تنظيم المعلومات المتوفرة حول المشكلة بطريقة تسمح بتطبيق استراتيجية الحل.
  • تجميع مصادر المعلومات : إعادة تقييم المصادر المتوفرة للحل من زمان ، ومكان ، وأجهزة ، ومال وغيرها.
  • مراقبة حل المشكلة : وتتطلب هذه المرحلة مراقبة إجراءات الحل ومتابعة التطورات التي تطرأ على المشكلة أو خطوات الحل.
  • تقييم حل المشكلة : وتتطلب هذه المرحلة تقييم الحل الذي حققه الفرد والتعرف على قدرته في إزالة العوائق التي كانت تواجه المشكلة قبل الحل.{2}

أنواع المشكلات

أشار جرينو إلى إلى وجود ثلاث فئات من المشكلات ، ولا يعني هذا أنه يمكن تصنيف جميع أنواع المشكلات ضمن هذه الفئات الثلاث ، بل يعني أن هذه أنماط عامة للمشكلات الشائعة ، وإن بعض المشكلات يتطلب حلها استخدام مهارات مشتركة بين هذه الفئات ، وهذه الأنواع هي ما يلي :

مشكلات الترتيب

يتم خلالها تقديم بعض الأشياء بترتيب عشوائي ويطلب من المفحوص إعادة ترتيبها وفق شروط معينة بحيث تحقق معياراً معيناً ، ورغم أن هذه العناصر ترتب بطرق عدة إلا أن ترتيباً واحداً يكون مناسباً ليحقق هذا المعيار مثل :

مشكلات القلب والإبدال في إعادة ترتيب حروف كلمة مقلوبة لتشكيل كلمة ذات معنى كما في كلمة ( رقعا ) لتصبح ( عراق ) إذ يتخلل عملية الوصول إلى حل استخدام الكثير من استراتيجيات المحاولة والخطأ.

مشكلات استقراء البنية ( التشبيه والمناظرة )

ويتم هذا النوع من المشكلات بعرض بعض الأشياء والمطلوب هو اكتشاف العلاقة بينها ، وتتم عملية اكتشاف العلاقة من خلال عملية مقارنة ، وذلك بتقديم عنصرين تربط بينهما علاقة ما ، وعنصر ثالث معطى يرتبط بعنصر مجهول بعلاقة مشابهة أو مناظرة.

ويتطلب حل المسألة إيجاد العنصر المجهول الذي يكمل السلسلة التالية :

1 9 2 8 3 7 4

وتتضمن هذه المسألة سلسلتين من الأرقام على نحو تبادلي أحدهما تصاعدي 4 3 2 1 والأخرى تنازلية 7 8 9 وعليه يكون الرقم المناسب لإكمال السلسلة هو الرقم 6.

ومن الأمثلة على هذا النوع من المسائل : أكمل الجملة التالية بكلمة مناسبة : المستشفى للمرض كالمدرسة إلى ………. ، وتكون كلمة ( الجهل ) هي التي ترتبط مع المدرسة بعلاقة تشبع علاقة المستشفى بالمرض.

وقد عد ستيرنبرغ سرعة إجراء الفرد لهذه العمليات العقلية مؤشراً على ذكائه. ولهذا فإن كثيراً من الاختبارات العقلية تتكون من مسائل من هذا النوع.

مشكلات النقل أو التحويل

يتضمن هذا النوع من المشكلات حالة ابتدائية وحالة هدفية من العمليات المطلوبة لنقل الحالة الابتدائية إلى الحالة الهدفية. ومن الأمثلة عليها مشكلة برج هانوي.

ويرى جرينو أن حل مثل هذه المشكلات يتطلب مهارة التخطيط وفق طريقة تحليل الوسائل – الغايات ، فالفرد يقارن الحالة الابتدائية بالحالة النهائية ، ثم يحدد الفروق بينهما ويختار التحركات التي تقلل هذه الفروق وفق تلك الطريقة.{3}

وقد قدم باحثون آخرون تصنيفاً آخراً لأنواع المشكلات بناء على درجة وضوحها وهو :

  • المشكلات جيدة التحديد : وهي مشكلة واضحة الجوانب ومن أمثلتها المسائل الحسابية وللتأكد من صحتها بالرجوع إلى معايير معروفة ومتفق عليها.
  • المشكلات سيئة التحديد : وهي المسائل الحياتية التي يواجها الشخص يومياً مثل المشكلات الاقتصادية والنفسية وهي أكثر تعقيداً من سابقتها. وإن المعايير للحكم على صحتها أقل تحديداً.
  • القضايا : وهي مشاكل سيئة التحديد بحيث يتمحور الأفراد حولها في فئتين مختلفتين بسبب ما تستثيره من عواطف ، ومن الأمثلة عليها قضية التعصب وتأنيث التعليم ، والعقوبات الجماعية وغيرها.

كما يتطلب حل المشكلة معرفة بالمخطط الذي يستخدم لفهم المشكلة وتصنيفها عند البدء بالحل ويتطلب أيضاً معرفة باستراتيجيات الحل وخوارزمياته.{3}

استراتيجيات حل المشكلات

يوجد هناك بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تستخدم في حل المشكلات ، والتي يمكن أن يتعلم الأفراد طريقة استخدامها في أثناء حل المشكلات. ومن أهم هذه الاستراتيجيات ما يلي :

استراتيجية تقليل الفروق

وتصلح هذه الاستراتيجية في المشكلات غير المألوفة من خلال تقليل الفروق بين الوضع الحالي والهدف المنشود. ويقوم الباحث باختيار سلوكيات تقرب الفرد من الهدف كالعمل بمبادئ التشابه والمقارنة أو تحويل عناصر المشكلة إلى هيئة جديدة تقرب من الحل ولكن هذه الاستراتيجية ليس بالضرورة أن توصلك إلى الحل النهائي المنشود.

استراتيجية المحاولة والخطأ العشوائية

وتقوم هذه الاستراتيجية من استراتيجيات حل المشكلات على تطبيق التحركات القانونية بطريقة عشوائية إلى أن يتم الوصول إلى الحالة الهدفية. والمزعج في هذه الاستراتيجية أنها تتضمن الكثير من الحركات الزائدة ولكن يستخدمها الأفراد عندما تكون المشكلة غير مألوفة أو عندما يكونون تحت ضغط نفسي كبير ، ومع ذلك فإن هذه الاستراتيجية ربما لا تكون فعالة في حل بعض المشكلات المعقدة.

استراتيجية تسلق التلة

وهي استراتيجية من استراتيجيات حل المشكلات منظمة وبسيطة يتم من خلالها التحرك من الوضع الراهن إلى وضع يجعلك أقرب للوضع النهائي ، فإذا كنت عند وضع معين فالمطلوب تقييم الوضع الذي يمكن أن تصل إليه من خلال الحركة ، إذ إن الحركة الملائمة هي التي تقربك نحو الهدف.

ولذا فأنت بحاجة إلى استخدام إجراءات التقويم على ضوء القرب أو العد من الأهداف النهائية. ومن عيوب هذه الاستراتيجية أنها يمكن أن تقودك إلى حالة قريبة من الحالة الهدفية مؤقتاً ولكنك ربما تضطر للتراجع عنها في خطوات لاحقة.

استراتيجية تحليل الوسائل – الغايات

يعمل من يقوم بحل المشكلة في هذه الاستراتيجية على إنجاز هدف واحد في كل مرة ، فعندما تكون في الحالة الابتدائية ، فربما تنظر إلى الحالة النهائية ، فإذا كان من المتعذر تحقيق الهدف النهائي ، فإنك تضع هدفاً جزئياً يقوم على إزالة بعض العوائق من الطريق وهكذا.

ويرى العالم سايمون أن من يستخدم هذه الاستراتيجية يسأل نفسه ثلاث أسئلة :

  • ما هو هدفي ؟
  • ما هي العقبات التي تعترض طريقي ؟
  • ما التحركات التي يسمح لي بإجرائها ويمكنني تنفيذها لتجاوز هذه العقبات ؟

العمل إلى الوراء

وهذه استراتيجية جديدة ويمكن استخدامها عندما يكون الهدف واضحاً. ومن الأمثلة عليها ما ذكره برانسفورد وستاين وهو كما يلي :

افرض أنك قررت أن تقابل شخصاً ما في مطعم في المدينة ، فمتى يجب أن تغادر لكي تضمن أنك ستصل في الوقت المحدد. يمكن التعامل مع هذه المشكلة بالعمل إلى الوراء ابتداء من موعد المقابلة من خلال توزيع الوقت مثلاً. إنك تحتاج إلى عشر دقائق لتمشي من موقف السيارات إلى المطعم ، وتحتاج إلى ثلاثين دقيقة لتصل بسيارتك إلى موقف السيارات القريب من المطعم ، وتحتاج خمس دقائق لتمشي من مكتبك إلى سيارتك ويمكن أن تجمع هذه الفترات الزمنية التي تحتاجها لتقرر متى ستغادر المكتب.

حل المشكلات بالقياس

يستخدم الفرد في هذه الاستراتيجية من استراتيجيات حر المشكلات طريقة حل احدى المشكلات لتوجهه إلى حل مشكلات أخرى مماثلة أو مشابهة لها من خلال مبدأ القياس. ومن الأمثلة عليها استخدام طريقة في حل تمارين الرياضيات أو تدريبات وأمثلة لتساعد في التوصل إلى حلول مشاكل أخرى ، أو مسائل جديدة مشابهة.{4}

المراجع

  1. [ د. سليمان عبد الواحد يوسف إبراهيم / المرجع في صعوبات التعلم / مكتبة الأنجو المصرية / القاهرة الطبعة الأولى / 2010 / ص 264 ]
  2. [ د. عدنان يوسف العتوم / علم النفس المعرفي النظرية والتطبيق / دار المسيرة للنشر والتوزيع / عمان / الطبعة الثانية / 2010 / ص 273 ]
  3. [شذى عبد الباقي محمد ، مصطفى محمد عيسى / اتجاهات حديثة في علم النفس المعرفي / دار المسيرة للنشر والتوزيع / عمان / الطبعة الأولى / 2011 / ص 274 ]
  4. [ د. رافع النصير الزغلول ، د. عماد عبد الرحيم الزغلول / علم النفس المعرفي / دار الشرق / ص 284 ، 283 ]
زر الذهاب إلى الأعلى