ما هو علم نفس النمو ( الارتقائي )

علم نفس النمو أو علم النفس الارتقائي هو فرع من فروع علم النفس يدرس النمو النفسي عند الكائن الحي ومراحل النمو التي يمر بها الفرد عبر سنين حياته ، والخصائص الجسدية والنفسية والعقلية والاجتماعية والخلقية لكل مرحلة ، منذ مرحلة ما قبل الميلاد وفي المهد والطفولة والمراهقة فالرشد فالشيخوخة.

علم النفس النمو

علم نفس النمو

يتجه اهتمام علماء النفس المختصين بعلم نفس النمو إلى الكشف عن القاعدة الأساسية للسلوك الإنساني وكذلك إلى وضع المبادئ العامة التي تكشف عن العلاقات والتفاعلات بين المتغيرات المختلفة والوصول إلى معايير النمو ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فهو علم له أهمية في مجال الصحة النفسية على أساس أن توافق الفرد يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمراحل نموه وتغيراتها.

ويعرف علم نفس النمو بأنه الدراسة العلمية لكافة المتغيرات التي تحدث للكائن الحي بمظاهرها النفسية والجسمية والعقلية والاجتماعية والسلوكية بهدف وصفها وبيان ارتباطها مع بعضها ومع غيرها ، والكشف عن القوانين والمبادئ المنظمة لها بغية تحقيق أهداف معرفية أو تطبيقية مستخدماً في ذلك المنهج العلمي.{5}

مواضيع علم نفس النمو

مواضيع علم نفس النمو هي دراسة سلوك الأطفال و المراهقين والراشدين والشيوخ ونموهم النفسي منذ بداية وجودهم ، أي منذ لحظة الإخصاب إلى الممات.

والنمو سلسلة متتابعة متكاملة من التغيرات تسعى بالفرد نحو اكتمال النضج واستمراره وبدء انحداره ، والنمو هو العملية التي تتفتح خلالها إمكانات الفرد الكامنة وتظهر في شكل قدرات ومهارات وصفات وخصائص شخصية .{1}

للتمييز بين مواضيع النمو من الناحية النفسية والنواحي الأخرى ، سوف نتناول بعض تعريفات النمو ومنها ما يلي :

النمو بمعناه النفسي : يتضمن التغيرات الجسمية والفسيولوجية من حيث الطول والوزن والحجم ، والتغيرات التي تحدث في أجهزة الجسم المختلفة ، والتغيرات العقلية المعرفية ، والتغيرات السلوكية الانفعالية والاجتماعية التي يمر بها الفرد في مراحل نموه المختلفة.

النمو بمعناه التربوي : يتضمن حدوث تعديل أو تغيير في السلوك ، يحدث ذلك نتيجة للممارسة أو التدريب ، وارتباط التعلم بالنمو ، يعني اكتمال استعداد العضو للتدريب أو الأداء.

النمو بمعناه الاجتماعي : هو عملية مهمة في نمو الطفل والمراهق ، كما تقوم عملية التنشئة الاجتماعية على إكساب الأطفال ، والمراهقين الصفات الاجتماعية المقبولة ، وذلك في مراحل العمر المختلفة.

النمو الجسدي : تختلف سرعة نمو الطفل من مرحلة عمرية لأخرى ، ولا يوجد طفل ينمو بسرعة أو وتيرة ثابتة ، أو منتظمة طيلة فترة الطفولة والمراهقة ، وقد تتخلل حياة الطفل فترات من بطء النمو وأخرى سريعة للنمو بشكل طبيعي ، وتحدث فترة النمو السريع خلال البلوغ عند الجنسين.{2}

إن دراسة سلوك الفرد في مراحل نموه المتتابعة يقوم على نتائج البحوث العلمية القائمة على الملاحظات والتجارب العلمية. وتتناول هذه البحوث ما يلي :

  • دراسة سلوك الفرد ونموه الطبيعي في إطار العوامل الوراثية والعضوية التي تؤثر فيه.
  • دراسة سلوك الفرد في إطار العوامل البيئية المختلفة التي تؤثر فيه سواء كانت هذه العوامل جغرافية أو اجتماعية.
  • دراسة أثر سلوك ونمو الأفراد في البيئة المحيطة بهم وفي الثقافة التي ينتمون إليها.
  • دراسة أساليب التوافق الاجتماعي والانفعالي والعوامل التي تؤثر في هذا التوافق.{1}

أهمية دراسة علم نفس النمو

لا شك أن دراسة النمو مهمة في حد ذاتها ومفيدة بالنسبة للمرحلة التي تليها وهي مرحلة المراهقة ، ودراسة مرحلة المراهقة مهمة لفهمها وفهم المرحلة التي تليها وهي مرحلة الرشد ، وأيضاً دراسة مرحلة الرشد مفيدة لفهمها وفهم مرحلة الشيخوخة ، وانطلاقاً مما سبق سوف نعرض بعض النقاط التي تبين أهمية دراسة علم نفس النمو :

  • تمكننا دراسة علم نفس النمو من زيادة معرفتنا للطبيعة الإنسانية ولعلاقة الإنسان بالبيئة التي يعيش فيها.
  • تزيد من قدرتنا على توجيه الأطفال والمراهقين والراشدين والشيوخ وعلى التحكم في العوامل والمؤثرات المختلفة التي تؤثر في النمو.
  • مساعدة الأفراد إذا ما اتضح شذوذ في نموهم .
  • تساعد الأخصائيين النفسيين في جهودهم لمساعدة الأطفال والمراهقين والراشدين والشيوخ خاصة في مجال علم النفس العلاجي والتوجيه والإرشاد النفسي والتربوي والمهني.
  • يساعد علم نفس النمو في معرفة خصائص الأطفال والمراهقين وفي معرفة العوامل التي تؤثر في نموهم وفي أساليب سلوكهم.
  • يفيد المدرس في معرفة الفروق الفردية بين تلاميذه ، وأنهم يختلفون في قدراتهم وطاقاتهم العقلية وميولهم .
  • يساعد علم نفس النمو الوالدين في معرفة خصائص الأطفال والمراهقين مما يعينهم ويغير لهم الطريق في عملية التنشئة والتطبيع الاجتماعي لأولادهم.
  • يعين الوالدين على تفهم مراحل النمو والانتقال من مرحلة إلى أخرى من مراحل النمو.
  • يساعد الفرد على فهم طبيعة مرحلة النمو التي يعيشها ويعتبر أنه عليه أن يعيشها بأوسع وأكمل وأصح شكل ممكن.
  • يفيد في فهم الفرد ونموه النفسي وتطور مظاهر هذا النمو في المراحل المختلفة لتحديد أحسن الشروط الوراثية والبيئية الممكنة التي تؤدي إلى أحسن نمو ممكن ، تحقيقاً لخير الفرد وتقدم المجتمع.

مناهج البحث في علم نفس النمو

دراسة ظاهرة النمو أو دراسة السلوك  بطريقة علمية تقتضي منا ملاحظة مقصودة للسلوك ، أي ملاحظته بطريقة موضوعية ، ثم صياغة هذه الملاحظات صياغة علمية ، أي صياغة قابلة للتوصل تؤدي بنا في نهاية الأمر إلى بناء نظريات من شأنها تمكيننا من تفسير السلوك ومن ثم التنبؤ بهذا السلوك .

مناهج البحث في علم نفس النمو هي :

  • المنهج التجريبي.
  • الطريقة الاكلينيكية.
  • المنهج الوصفي.
  • الطريقة الطويلة التتبعية المستعرضة.
  • الطريقة التاريخية .{3}

العوامل المؤثرة في النمو

هي العوامل التي تسبب حدوث التغيرات التي تلاحظ في النمو ، وهي ما يلي :

الوراثة

يقصد بالوراثة تلك الصفات التي تحملها الجينات من الأبوين إلى الأبناء. وتعتبر الوراثة عاملاً هاماً يؤثر في النمو من حيث صفاته ومظاهره ونوعه ومداه وزيادته ونقصانه. ويتوقف معدل النمو على وراثة خصائص النوع. وتنتقل الوراثة إلى الفرد من والديه وأجداده وسلالته ، وتمثل الوراثة كل العوامل الداخلية.

وتبين الوراثة أن الخصائص الجسمية للأطفال يمكن التنبؤ بها من خلال الخصائص الموجودة في الوالدين ، وتختلف الصفات الوراثية باختلاف الجنس ذكراً أو أنثى. فمن الملاحظ أن الصلع مثلاً من الصفات الوراثية المرتبطة بالجنس والتي تظهر فقط عند الذكور ولا تظهر عند الإناث.

ومن الصفات الوراثية الخالصة لون العينين ، وعمى الألوان ، ولون الجلد ونوع الشعر ، ونوع الدم وفصيلته ، وهيئة الوجه ومعالم وشكل الجسم. وتعتبر الوراثة مسؤولة أيضاً عن تكرار ظهور بعض الأمراض في عائلات معينة ، وخصوصاً العائلات التي يكثر بها زواج الأقارب.

البيئة

تمثل البيئة كل العوامل الخارجية التي تؤثر تأثيراً مباشراً أو غير مباشر على الفرد. وتشمل البيئة بهذا المعنى العوامل الصحية والمادية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحضارية. وتؤثر البيئة في نمو الطفل وتحديد شكل هذا النمو ، وفي تشكيل شخصية الفرد النامي ، واكتساب أنماط معينة من السلوك وذلك عن طريق الأسرة والرفاق في المدرسة وفي المجتمع الكبير.

إن البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الطفل منذ أن يرى النور تشكله اجتماعياً وتحوله إلى شخصية اجتماعية متميزة. وكذلك إن الخلفية الاجتماعية الاقتصادية والتربوية للفرد وتوجهه النفسي والفرص المتاحة أمامه تؤثر في عملية النمو. ومن أوضع العوامل المؤثرة هنا التعليم والوسط الثقافي والأخلاق والدين ومستوى الذكاء وسن الزواج وعدد الأطفال … ألخ.

ويكتسب الفرد النامي أنماط ونماذج سلوكه وسمات شخصيته نتيجة للتفاعل الاجتماعي مع غيره من الناس خلال عملية التنشئة والتطبيع الاجتماعي. وخلال سنوات حياته الأولى تكون الأسرة هي أبرز عوامل التأثير الاجتماعي ، وبعد ذلك يأتي دور الرفاق والأصحاب. وكذلك فإن البيئة الحضارية تسهم في عملية النمو الاجتماعي للفرد ، والدليل على ذلك اختلاف الأدوار الاجتماعية لكل من الجنسين في البيئات والثقافات المختلفة.

وعلى العموم فكلما كانت البيئة صحية ومتنوعة كلما كان تأثيرها حسناً على النمو ، وكلما كانت غير ملائمة ، أثرت تأثيراً سيئاً على النمو.

الغدد

الغدد أعضاء داخلية في الجسم وتؤثر على النمو وتلعب دوراً رئيسياً هاماً في درجة النمو وسرعته ، كما تؤثر بالتالي في شخصية الطفل وفي سلوكه في المستقبل. وتتلخص وظيفة الغدد في تكوين مركبات كيميائية خاصة يحتاج إليها الجسم بأعضائه الأخرى المختلفة. فهي بهذا المعنى تشبه المعامل الكيميائية. وهناك الكثير من الغدد الموجودة مثل الغدد اللعابية والعرقية والدمعية والدرقية والصنوبرية والنخامية والكظرية… ألخ.

والغدد تؤثر تأثيراً بالغاً في النشاط العام للفرد وفي سرعة وشدة السلوك الانفعالي وفي كم ونوع واستمرار السلوك الذي يختاره الفرد. وتؤدي اضطرابات الغدد إلى المرض النفسي وردود الفعل السلوكية المرضية ، ويؤدي الاضطراب في إفراز الهرمونات إلى تغيير وتحول النمو عن مجراه الطبيعي فيقف في بعض النواحي ، أو يزداد في نواحي بطريقة أخرى تعرض حياة الفرد للمرض أو الفناء.

الغذاء

يعتمد الفرد على الغذاء في نموه ، ويتأثر الفرد بنوع وكمية غذائه. وللغذاء أيضاً أهميته النفسية ، وذلك لأنه الدعامة الأولى التي تقوم عليها علاقة الطفل بأمه ، ثم تتطور هذه العلاقة بعد ذلك إلى علاقات نفسية اجتماعية.

وتتلخص وظائف الغذاء في تزويد الجسم بالطاقة التي يحتاجها ، وفي إصلاح الخلايا التالفة وإعادة بنائها ، وفي تكوين خلاليا جديدة ، وفي زيادة مناعة الجسم ضد بعض الأمراض والوقاية منها.{4}

المراجع

  1. [د. حامد عبد السلام زهران/ علم نفس النمو الطفولة والمراهقة/ دار المعارف / ص 11 ]
  2. [د. حسين بن سالم الزبيدي / علم نفس النمو / مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع / عمان / طبعة أولى 2015 / ص 37،39،40،44 ]
  3. [د. عباس محمود عوض / المدخل إلى علم نفس النمو / دار المعارف الجامعية / 1999 / ص 14،18،]
  4. [د. سعاد هاشم عبد السلام قصيبات / علم نفس النمو / دار مصراته للكتاب / طبعة رابعة 2007 / ص 16 ، 17 ]
  5. [د. ناريمان محمد رفاعي / علم نفس النمو / دار الزهراء / الرياض /  الطبعة الأولى 2010 / ص 9 ]
 
زر الذهاب إلى الأعلى