ما هي الحيل الدفاعية النفسية ( آليات الدفاع النفسي )

ما هي الحيل الدفاعية النفسية ؟ هي أساليب يقوم بها الإنسان للوصول إلى حالة من الاستقرار والتوازن في حياته النفسية. من خلال الشرح التالي سوف نتناول بالتفصيل الحيل الدفاعية النفسية.

الحيل الدفاعية النفسية

يقع كل إنسان تحت سيطرة قوى داخلية تؤثر فيه وبتفاعلهِ مع المحيط وهذه القوى هي ” الأنا الأعلى ” و ” الهو ” و ” الواقع “ كما ينتج عن هذا التفاعل قوانين والتزامات تقع على عبء الإنسان ، فيبدأ الإنسان وبطريقة عفوية تلقائية بالبحث عن أساليب يصل بها إلى حالة من الاتزان والاستقرار ليشعر بالراحة ولو لمدة قصيرة.

وتُعرف تلك الأساليب بمفهوم الحيل الدفاعية النفسية ، ويمكن تلخيص هذه الحيل إلى حيل دفاعية مثل التعاظم لتغطية النقص ، أو حيل هروبية كالانكماش والابتعاد في حالة النقص ، أو حيل كبتية مثل إبعاد الخبرة المؤلمة نفسها من منطقة الشعور . وهذا التقسيمات كثيرة ومن أهمها ما سنعرضه في هذا المقال.

أنواع الحيل الدفاعية النفسية

هناك الكثير من التقسيمات التي وضعها العلماء ، وأيضاً هناك الكثير من الحيل الدفاعية النفسية وأهم هذه الحيل وأكثرها اعترافاً وشهرة ما يلي :

1. الكبت والنسيان

عندما يقع العقل تحت اختيار أمران متعارضان ، فأنه نتيجة لهذا التعارض يكبت إحدى هذين الأمرين ، فعلى سبيل المثال إذا كان الشخص لديه موعد فلابد أن يلتزم به ، ولكن في حال كان الموعد مع شخص غير محبوب ومزعج له ، فغالباً سينسى الشخص هذا الموعد ، وعملية فصل هذه الفكرة من الشعور إلى اللاشعور تتم عادة بطريقة لا شعورية عفوية وبدون قصد ، ولذلك يكون الشخص صادق عند اعتذاره عن الموعد بسبب نسيانه .

وهناك نوعين من النسيان يعشيهم الشخص ، أولهما النسيان بالترك ويحدث هذا بالتدريج وينتج عنه نسيان الكثير من المعلومات مثل إن ينسى المرء أرقام كان يحفظها أو كلمات وعبارات نتيجة عدم استخدامها . والثاني النسيان بالكبت ويتميز هذا النوع بسرعة حدوثه وبأنه يحدث بطريقة شبه فجائية .

ويكثر استخدام العقل البشري للنسيان والكبت في الخبرات والأمور التي تتصل بنوع من الألم مثل العقاب الجسدي أو التوبيخ وغير ذلك . ومن أِشهر الأمثلة عن الكبت هي الأحلام حيث أن حوادثها وتفاصيلها سرعان ما تُكبت وتُنسى ، إلا إذا بذل الشخص مجهود خاص في الاحتفاظ بها وتدوينها بمجرد الاستيقاظ.

2. النكوص

ويقصد بالنكوص استخدام الفرد لأساليب كان يستخدمها في مراحل نموه الأولى للتعبير عن دوافعه الغريزية ، ويستخدم الفرد هذا الأسلوب في الحالات التي يفشل فيها من تحقيق رغباته ، ومن أكثر الأمثلة الدالة على النكوص هي عندما يولد مولود جديد بالعائلة ويبدأ الطفل الأكبر بالبكاء أو التبول أثناء النوم والرغبة في الرضاعة والعودة إلى الحبو ومص الإصبع نتيجة للغيرة من الأخ الأصغر.

وكذلك الفتاة التي تخاف من العمر والكِبر قبل أن تتزوج فتسعى دائماً بالظهور بمظهر الفتيات الصغيرات في أسلوب لبسها وحركاتها وكلامها ونبرة صوتها وغير ذلك .

وقد كان العالم يونغ أول من تحدث عن النكوص ووضحه بالقول أنه العملية الوحيدة التي يستخدمها الفرد في المواقف والخبرات التي تكون صعبة بالدرجة التي لا يمكن التغلب عليها ، كما أنه قد توسع في شرحه وتوضيحه ، فقد جعله شاملاً لجميع أساليب مقابلة المواقف التي يفشل أمامها الإنسان ، وقد لاحظ أنه حتى الكبار إذا واجهتهم صعوبات ومشاكل كبيرة فقد يقابلونها بالبكاء أو بأحلام النوم ، أو بأحلام اليقظة .

3. الإسقاط

يمكن توضيح معنى الإسقاط بأنه تفسير أعمال الآخرين بحسب ما يحدث بداخل الشخص ، وغالباً ما يُتبع هذا الأسلوب عندما يخجل المرء من صفة ما يمتلكها ، فيريح نفسه بأن يدعي بأن الجميع يمتلك هذا الصفة الموجودة عنده ، أو ينسبها لغيره ، ويبرأ نفسه منها .

فمثلاً الشخص البخيل أو المغرور هو أكثر من يصف الناس بهذين الصفتين ، وكذلك نجد أن الرجل سيء الخلق يصف امرأته البريئة بسوء الخلق ، ويتهم الناس بالكذب أو عدم الأمانة أو التوجه الجنسي وهذا لأنه هو نفسه يمتلك هذه الصفات .

ولابد من الإشارة إلى أن الحالات التي يستخدم فيها المرء الإسقاط هي حالات كثيرة ويومية مثل أن ينسب الفرد سوء حظه إلى القلم الذي يكتب به ، أو التأخر عن العمل بسبب سوء المواصلات .

4. التحويل

يشير التحويل في معناه إلى أن الحالة الانفعالية إذا وجدت عائق في موضوعها ، فإنها تتحول وتنتقل إلى موضوع آخر يكون شبيه أو متصل بالموضوع الأول ، فعلى سبيل المثال يمكن اعتبار كراهية تلميذ لمعلمهِ ناتجة عن كراهيته لوالده والتي لا يستطيع أن يُعبر عنها صراحةً ، وقد تتوسع تلك الكراهية لتشمل كراهية سلطة المدرسة فيهرب منها وكذلك كراهية سلطة المجتمع والقانون ، وكثيراً ما يكره الأشخاص مادة تعليمية معينة نتيجة كرههم للمعلم الأول لها ، وقد استخدم العلماء التحويل في تفسير جزء كبير من الحب والكره على أساس أنه مبني على التشابه ، وقد لا يكون هذا التشابه واضح لكل الأشخاص ، فقد يكون موجود بصورة لاشعورية في الذهن ، فالكثير من الفتيات قد تحب لتشابه الشخص مع أباها ، وقد تكره كذلك لنفس السبب ، وقد أطلق المحللون النفسيون على التحويل المصحوب بالكراهية تحويلاً سلبياً ، و أما التحويل المرافق للحب يطلقون عليه تحويلاً إيجابياً ، كما أن مفهوم التحويل لا يتوقف على الحب والكراهية فقط ، بل أنه يتوسع ليشمل جميع الحالات الانفعالية ، فمثلاً قد يغضب الرجل من مديره في العمل فيحول هذا الغضب على زوجته أو أطفاله .

5. التقمص

يقصد به امتصاص الشخص لمجموعة من صفات الشخص الذي يُعجب به ، ويشمل هذا الامتصاص الصفات الإيجابية وكذلك السلبية ، ويكون هذا التقليد بصورة لاشعورية وهذا لأنه يدل على تسليم ضمني بالنقص ، ويسعى لتكميل النقص بواسطة التقمص ، وذلك لأن النقص والاعتراف به أمران لا يقبلهما الأنا فيبقيان في دائرة اللاشعور ، فمثلاً يقلد التلميذ حركات معلمه الذي يعجبه ، ويقلد أسلوبه في المشي والكلام ، والمعاملة ، وأسلوب النقاش .

كما يعتبر التقمص حاجة ضرورية في المراحل الأولى من نمو الطفل ، فعليه يتوقف تعلم الطفل للغة ، وللهجة ونبرة الصوت ، والاتجاهات نحو الدين والتقاليد ، وغير ذلك.

6. التبرير

التبرير هو تعليل الموقف والسلوك الصادر عن الشخص بأسباب منطقية يقتنعُ بها العقل ، ورغم أن الأسباب الحقيقية تكون انفعالية ، فعلى سبيل المثال إذا تعرض الشخص للإهانة من شخص آخر فأنه سيُسارع لرد تلك الإهانة رداً مضاعفاً ، ويعلل هذا بأنه قد فعل فعلته كي لا يهين الشخص أحد آخر ، ولكن الحقيقية أن الشخص قد فعل هذا بسبب الغضب .

ويُستخدم التبرير لكي يهون ويسهل على الأنا “النفس الشعورية ” قبول السلوك الصادر عن الشخص لأنه يستند على أسباب منطقية ، فكأن وظيفة التبرير الأول إيصال الأنا إلى حالة من الراحة عن طريق خداعها ، والتمويه عليها ، ويمكن كشف التبرير في المناقشات التي يكون فيها الانفعال الظاهر أكبر مما قد تحتاجه المناقشة المنطقية الهادئة .

7. التعويض

يقصد بالتعويض إظهار صفة ما بقصد تغطية صفة أخرى ، وغالباً ما تكون الصفة الظاهرة صفة إيجابية ومقبولة عند الفرد ، والصفة المستترة هي صفة سيئة وغير مقبولة ، ويكون هناك مبالغة في الصفة الظاهرة ويعود السبب في المبالغة الوصول بعملية التعويض إلى النجاح ، فمثلاً إذا تعرض طفل للضرب المبرح من أباه ، فالنتيجة المتوقعة والطبيعية أن يكره هذا الطفل والده ، ولكن بسبب حاجة الطفل لوالده ولأن المعتاد عليه في المجتمع أن يحب الطفل أبويه ، ولأن الطفل لا يستطيع أن يحب ويكره والديه في آن واحد ، فنتيجة لذلك يلجأ العقل إلى كبت الكره لأنه لا يتوافق مع مبادئ الأنا المشتقة من مبادئ وتقاليد المجتمع و آدابه ، ومن أجل نجاح كبت الكره و إخفاءه لابد من المبالغة في إظهار الحب ، وكل هذه العمليات تتم بطريقة لاشعورية ، حتى أن الطفل يكون على اقتناع تام بحبه الكبير لأبيه ، فظهور الحب الذي يؤدي إلى تغطية صفة الكره يعتبر تعويضاً عنها .

المرجع : أسس الصحة النفسية / عبد العزيز القوصي/ تحديث وتعديل موقع المصدر النفسي. 

زر الذهاب إلى الأعلى