الاضطراب الوهامي “الضلالي”

يعد الاضطراب الوهامي أحد الاضطرابات النفسية الخطيرة التي تؤثر على الفرد وتسبب له الكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية. ويتميز بظهور أفكار وهمية لا أساس لها في الواقع ، مع اعتقاد المصاب بأنها حقيقية وواقعية ولا يمكن تغييرها.

وتشمل الأفكار الوهمية التي يعاني منها المصاب بالاضطراب الوهامي الاعتقاد بأن هناك أشخاص يراقبونه أو يتحدثون عنه بشكل سلبي ، أو أنه يملك قوى خارقة ، أو أنه يعاني من مرض خبيث دون وجود دليل على ذلك.

ويتم تشخيص الاضطراب الوهامي عندما تستمر هذه الأفكار الوهمية لفترة طويلة من الزمن ” أكثر من شهر ” وتؤثر على حياته الاجتماعية والعملية. ويتم علاجه باستخدام العلاج النفسي والدوائي.

الاضطراب الوهامي

الاضطراب الوهامي (Delusional disorder) أو كما يسمى أيضاً الاضطراب الضلالي هو اضطراب نفسي يتميز بوجود أفكار وهمية ثابتة ولا أساس لها في الوقع ، دون وجود أي دليل واضح أو ملموس يدعم هذه الأفكار. وتكون هذه الأفكار الوهمية جزءاً من واقع الشخص المصاب ، ولا يمكنه تغييرها أو التخلص منها عن طريق الإقناع أو الحجج العقلية.

وتختلف أنواع الأفكار الوهمية التي يعاني منها الفرد من مصاب إلى آخر ، فقد يعتقد الشخص بوجود مؤامرة تحاك ضده ، أو أن هناك أشخاص يتجسسون عليه ، أو أنه يملك قدرات خارقة ، أو أنه يعاني من مرض خطير دون وجود دليل على ذلك.

ويعاني المصاب بهذا الاضطراب من العزلة الاجتماعية والشك في الآخرين ، ويمكن أن يقوم بفعل سلوكيات غريبة وغير متوقعة بسبب الأفكار الوهمية التي يعاني منها ، مما يؤثر على حياته اليومية ويسبب له مشاكل في العمل والعلاقات الاجتماعية.

أنواع الاضطراب الوهامي

هناك عدة أنواع من الاضطراب الوهامي ، وفي ما يلي أكثر هذه الأنواع شيوعاً :

1- الوهم الاضطهادي

هو اعتقاد وهمي لدى الفرد بأنه يتعرض للاضطهاد والمراقبة المستمرة من قِبل أشخاص معينين ، دون وجود أدلة تثبت ذلك. ويمكن أن يؤدي هذا النوع إلى القلق والتوتر والانطوائية.

2- الوهم الجسدي

يتميز باعتقاد المريض بأنه يعاني من مرض خطير أو مشكلة صحية ، دون وجود أدلة تثبت ذلك. حيث يشعر الشخص بالقلق والتوتر بشأن صحته ويمكن أن يتبع سلوكيات مثل الذهاب إلى الطبيب بشكل متكرر وإجراء الفحوصات الطبية للتأكد من مرضه.

3- الوهم الجنسي

يتميز هذا النوع باعتقاد الفرد بأن شخصاً معيناً يحبه بشكل شديد ويهتم به ، بينما لا يوجد أي دليل على وجود هذه العلاقة في الواقع. ويمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى قيام المصاب به بفعل سلوكيات مثل محاولة الاتصال بالشخص المزعوم حبه بشكل مفرط أو مراقبته بشكل مستمر.

4- وهم العظمة

يتميز باعتقاد الفرد بأنه يتمتع بصفات خاصة أو قدرات خارقة ، وأنه يتم مراقبته أو مُتابَعته بشكل مستمر لهذا السبب. ويمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى الانطوائية والعزلة.

5- الوهمي الديني

يتميز باعتقاد الفرد بأنه يتلقى رسائل أو توجيهات دينية خاصة ، وأنه تم اختياره لأداء مهمة دينية معينة. ويمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى تغير سلوكيات الفرد وتفكيره ويمكن أن يؤثر على علاقاته الاجتماعية.

يجب ملاحظة إلى أن هذه الأنواع ليست شاملة ، وقد يظهر الاضطراب التوهمي بأشكال أخرى ، وتشخيصها الدقيق يحتاج إلى تقييم من قبل طبيب أو أخصائي نفسي.

أعراض الاضطراب الوهامي

تختلف أعراض الاضطراب الوهمي من نوع لآخر ، فلكل نوع أفكاره الوهمية الخاصة به ، ولكن بشكل عام ، تشمل الأعراض التالي :

  • اعتقاد وهمي بوجود شيء معين دون وجود دليل يثبت ذلك.
  • الشعور بالقلق والتوتر الشديد حول الاعتقاد الوهمي.
  • الانطوائية وعدم القدرة على التفاعل الاجتماعي بشكل طبيعي.
  • السلوكيات التي تتصف بالشك ، مثل البحث المفرط عن الأدلة التي تؤكد الاعتقاد الوهمي أو الاتصال بالأشخاص المزعومين في الاعتقاد الوهمي.
  • الاعتقاد بأن الآخرين يراقبونه أو يتحدثون عنه بشكل سلبي.
  • الاعتقاد بأن الشخص يتمتع بقدرات خارقة أو يشعر بوجود عناصر خارقة في العالم من حوله.

يمكن أن تؤثر هذه الأعراض على حياة الفرد بشكل كبير ، وقد تؤدي إلى مشاكل في العلاقات العاطفية والاجتماعية والأداء الوظيفي.

أسباب الاضطراب الوهامي

لا توجد أسباب محددة للإصابة بالاضطراب الوهمي ، ولكن هناك عدة عوامل محتملة يمكن أن تؤدي إلى ظهوره ، تشمل هذه العوامل :

  • العوامل الوراثة : حيث تزداد نسبة الإصابة بهذا الاضطراب إذا كان عند الشخص تاريخ عائلي من الإصابة بأمراض نفسية مشابهة.
  • العوامل النفسية : يعتقد العلماء أن العوامل النفسية مثل التعرض للضغوط النفسية والإجهاد والصدمات النفسية يمكن أن تزيد من احتمالية الإصابة بالاضطراب الوهامي.
  • العوامل الاجتماعية : حيث أن بعض الأشخاص الذين يشعرون بالعزلة والانطواء والقلق الشديد قد يكونون عرضة للإصابة بهذا الاضطراب أكثر من غيرهم.
  • الاضطرابات النفسية الأخرى : حيث يمكن أن يرتبط هذا الاضطراب ببعض الأمراض النفسية الأخرى مثل اضطراب الشخصية الحدية والفصام.

مضاعفات الاضطراب الوهامي

يترتب على الاضطراب الوهامي العديد من المضاعفات ، تشمل :

  • العزلة الاجتماعية.
  • القلق والتوتر الشديد بشأن الاعتقادات الوهمية التي يعاني منها الفرد ، مما يؤثر على صحته النفسية والجسدية.
  • مشاكل عاطفية مع الشريك أو الأصدقاء ، بسبب سلوكيات الفرد المشكوك فيها والاعتقادات الوهمية التي يعاني منها.
  • يؤثر على القدرة على التركيز والعمل بشكل فعال.
  • بعض الحالات الشديدة ، يمكن أن يؤدي الاضطراب الوهمي إلى الاكتئاب والانتحار.

تشخيص الاضطراب الوهامي

يتم تشخيص الاضطراب الوهامي من قِبل متخصص نفسي ، ويتضمن التشخيص العديد من الخطوات والأدوات التي تساعد في تحديد وتقييم الأعراض والعوامل المرتبطة بهذا الاضطراب. ويتم التشخيص من خلال الخطوات التالية :

  1. المقابلة : يقوم المختص أو الطبيب النفسي بإجراء مقابلة نفسية شاملة مع المريض ، يطرح فيها العديد من الأسئلة المفصلة لتحديد الأعراض والخلفية النفسية للمريض.
  2. الاستبيانات : يمكن استخدام الاستبيانات المصممة خصيصاً لتقييم الأعراض والسلوكيات المصاحبة للإصابة بالاضطراب الوهمي.
  3. التقييم العقلي : يمكن أن يجري الطبيب تقييم عقلي شامل لتحديد القدرات العقلية والوظائف الإدراكية والاجتماعية للمريض.
  4. التصوير الدماغي : يمكن أن يقوم الطبيب بإجراء تصوير دماغي لتحديد الأنشطة الدماغية المرتبطة بالاضطراب.

علاج الاضطراب الوهامي

يتم علاج الاضطراب الوهامي ، من خلال استخدام العلاج النفسي والدوائي بشكل رئيسي ، ويكون على الشكل التالي :

العلاج النفسي

يوجد العديد من العلاجات النفسية التي يمكن استخدامها في علاج الاضطراب الوهمي ، ومن بينها :

  • العلاج السلوكي المعرفي : يركز هذا العلاج على تغيير الأفكار الوهمية للمريض وتعليمه مهارات التعامل مع القلق والتوتر المصاحب لهذا الاضطراب. ويتضمن هذا العلاج تعلم مهارات التفكير الإيجابي ومهارات التحكم في العواطف وتحسين الثقة بالنفس والقدرة على التعامل مع المواقف الصعبة.
  • العلاج النفسي الديناميكي : يركز هذا العلاج على تحليل العوامل النفسية اللاواعية للمشاكل النفسية التي يعاني منها المريض ، ويساعد على تحديد العوامل التي تساهم في تفاقم الأعراض ومن ثم تغييرها.

العلاج الدوائي

يمكن استخدام العلاج الدوائي في علاج الاضطراب الوهامي ، ولكن يجب استخدامه تحت إشراف طبيب مختص وبجرعات مناسبة ، حيث أن هذا العلاج يتطلب تقييم دقيق للحالة الصحية وتحديد الأدوية وجرعاتها المناسبة للمريض.

يمكن استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب التي تعمل على تحسين المزاج وتقليل الأعراض المرتبطة بالاضطراب الوهمي ، مثل السيتالوبرام والفلوكسيتين والسيرترالين.

كما يمكن استخدام الأدوية المضادة للاضطرابات الوهمية مثل الريسبريدون والأولانزابين والباليبيريدون لتقليل الأعراض المرتبطة بالوهم والاضطرابات الذهانية المشابهة.

كيفية التعامل مع المصاب بالاضطراب الوهامي؟

فيما يلي بعض النصائح التي يمكن اتباعها عند التعامل مع المصاب بالاضطراب الوهامي :

  1. يجب التعامل مع المريض بلطف واحترام ، والتحدث إليه بطريقة واضحة ومباشرة ، وتجنب استخدام نبرة صوت عالية أو حادة.
  2. يجب الاستماع لما يقوله المريض بتمعن ، وعدم التقليل من تجاربه أو مشاعره ، وتجنب نقده.
  3. يجب قديم الدعم العاطفي للمريض عن طريق التحدث معه وتشجيعه على التحدث عن مشاكله ، وتذكيره بأنه ليس وحده.
  4. يجب تشجيع المريض على البحث عن العلاج المناسب من خلال زيارة طبيب مختص ، وتوفير الدعم والتشجيع في هذا الصدد.
  5. يجب تجنب إثارة المزيد من القلق أو الإجهاد النفسي للمريض ، وتجنب المواضيع التي قد تثير الوهم أو القلق.
  6. يجب البقاء على اتصال مع المريض والتحقق من حالته الصحية بشكل منتظم ، وتذكيره بأنه يستطيع الاتصال بك في أي وقت إذا كان بحاجة إلى المساعدة.
  7. يجب توفير بيئة آمنة للمريض ، وتجنب توفير المواد الخطرة أو الأدوات الحادة أو الأسلحة في مكان قريب منه.
  8. يجب تشجيع المريض على الحفاظ على صحته العامة من خلال الحفاظ على نمط حياة صحي وممارسة الرياضية والتغذية الصحية والحصول على قسط كافٍ من النوم.

كيف أعرف أني أعاني من الاضطراب الوهامي؟

في ما يلي بعض العلامات التي يمكن أن تدل على إصابتك بالاضطراب الوهامي ، تشمل :

  • وجود أفكار وهمية غير واقعية وغير منطقية تتعلق بنفسك أو بالآخرين بشكل مستمر.
  • شعور دائم بالقلق وعدم الراحة وارتباك بسبب الأفكار الوهمية ، وهذا الشعور يؤثر على حياتك اليومية.
  • محاولة دائمة للتأكد والتحقق من صحة الأفكار الوهمية من خلال مشاهدة الآخرين ومراقبتهم.
  • وجود انزعاج أو توتر داخلي حاد بسبب الأفكار الوهمية يؤثر على مزاجك وتركيزك.
  • صعوبة في التفكير المنطقي وعدم القدرة على إقناع نفسك بعدم واقعية الأفكار حتى لو قدم لك الآخرون الأدلة على خطأها.
  • محاولات متكررة لإثبات صحة الأفكار الوهمية.

إذا استمرت هذه الأعراض لفترة طويلة ، يجب عليك مراجعة الطبيب أو الأخصائي النفسي لتشخيص حالتك بدقة ، وتلقي العلاج المناسب.

هل يمكن الشفاء من الاضطراب الوهامي؟

نعم ، يمكن الشفاء من الاضطراب الوهامي ، ولكن بعد تلقي العلاج المناسب والالتزام به. وتعتمد مدة العلاج على عدة عوامل ، بما في ذلك خصائص الحالة الفردية ونوع العلاج المستخدم. وقد يستغرق العلاج بعض الوقت حتى يظهر تأثيره ، وقد يستمر العلاج لفترة طويلة بعد انتهاء الأعراض ، وذلك للمساعدة في منع عودة الأعراض.

زر الذهاب إلى الأعلى