النمو الانفعالي عند الأطفال

النمو الانفعالي مهمة معقدة تبدأ في الطفولة وتستمر حتى مرحلة البلوغ. وتشمل الانفعالات الأولى التي يمكن التعرف عليها عند الأطفال الفرح والغضب والحزن والخوف. ومع تطور شعور الأطفال بالذات ، تظهر مشاعر أكثر تعقيداً مثل الخجل ، والمفاجأة ، والغبطة ، والإحراج ، والعار ، والشعور بالذنب ، والفخر والتعاطف.{1}

كما يعتبر السلوك الانفعالي لغة نفسية متعلمة للتأثير في الآخرين. ويتعلم الأطفـال بالتدريج وعن طريق التقليد وفي المواقف والخبرات المختلفة كلمات معيارية وتعبيرات شائعة للوجه وحركات معينة يعبرون بها عن انفعالاتهم ، ويتعلمون بالتدريج أيضاً طريقة التعبير الانفعالي للآخرين.

النمو الانفعالي عند الأطفال

تقسم مرحلة الطفولة إلى خمس مراحل فرعية. وفي كل مرحلة من هذه المراحل ينمو الطفل ويتطور من عدة جوانب (فيسيولوجية ، جسمية ، حسية ، حركية ، انفعالية… ألخ). وسوف نتناول بالذكر على وجه الخصوص النمو الانفعالي عند الأطفال في كل مرحلة من هذه المراحل.

1. النمو الانفعالي عند الوليد

تمتد هذه المرحلة من الولادة حتى عمر أسبوعين ، ويعبر الطفل عن انفعالاته فيها بالصراخ والبكاء. ويرى بعض الباحثين أن الطفل في هذه المرحلة لا يكون لديه من الانفعال إلا التهيج أو الاستثارة العامة. ويبرهنون على ذلك بالقول أن انفعالات الحب والغيض والكره… ألخ تتطلب مستوى من نضج الجهاز العصبي لا يصل إليه الطفل في هذه المرحلة.

2. النمو الانفعالي عند الرضيع

تمتد هذه المرحلة من عمر أسبوعين وحتى سنتين. والطفل في هذه المرحلة يكون كثير الضحك والبكاء ومن السهل استثارته انفعالياً وسرعان ما يهدأ وكأن شيئاً لم يكن. وتتناسب قوة الاستجابة الانفعالية عند الطفل مع عمق إدراكه للموقف.

فمثلاً استجابة الطفل لانفعال الفرح تظهر نتيجة الراحة الجسمية ويعبر عنها بالابتسام. ومع زيادة النمو يصبح التعبير عنها بالضحك عندما يلاعبه الآخرون ، ثم عندما ينجح في إنجاز عمل معين كأن يقف وحده أو يتسلق قطعة من الأثاث.

وأما الحب فيكون موجهاً نحو الأشخاص الذين يريحونه خاصة الوالدين وأعضاء الأسرة ويكون مؤقتاً محدداً ثم مستديماً محدداً نحو الأشخاص الذين يحققون حاجاته. ثم يتسع بالتدريج حتى يشمل الناس الغرباء.

ويكون الطفل هادئً وسعيداً ما دام ليس بحاجة إلى غذاء أو ماء أو نوم أو نظافة وفي حال العكس فيكون متوتراً وغاضباً… ألخ.

كما يكون الخوف واضحاً ويتخذ مظهراً كالبكاء والصراخ أو التوقف عن النشاط والانسحال أو اللجوء إلى ذراعي أمه. ويظهر الخوف عند الطفل عند وجود المثيرات الغريبة مثل الوجوه الغريبة أو الأصوات العالية أو عند فقدان شخص عزيز كالأم مثلاً.

ويظهر الغضب بوضوح عندما يشعر بعدم الراحة الجسمية أو عند وجود عوائق تمنعه من تحقيق حاجاته ، أو عند تدخل الكبار أكثر من اللازم في سلوكه ، أو إذا ترك وحده بالغرفة… ألخ. ويعبر الطفل عن ذلك بنوبة غضب يميزها النشاط غير الموجه كالصراخ والبكاء والتمردغ على الأرض.. ألخ.

والغيرة تبدو واضحة عند الطفل حينما يشاركه أحد في محبة والديه وتأخذ الغيرة شكل عدوان كضرب أو شد شعر الدخيل أو الصياح وإحداث الضوضاء.

وبشكل عام في السنة الأولى تكون معظم الانفعالات مرتبطة ومركزة على الأم أو من يحل محلها. وفي السنة الثانية تحدث زيادة ملحوظة للنشاط الانفعالي من حيث تنوع الانفعالات ومن حيث حيويتها نظراً لاتساع دائرة اتصال الرضيع بالعالم الخارجي.

3. النمو الانفعالي في الطفولة المبكرة

تمتد هذه المرحلة من 2 سنة وحتى 6 سنوات. وتسمى مرحلة ما قبل المدرسة أو الحضانة. وفي هذه المرحلة يزداد تمايز الاستجابات الانفعالية وتزداد الاستجابات الانفعالية اللفظية لتحل تدريجياً محل الاستجابات الانفعالية الجسمية.

وتكون الانفعالات في هذه المرحلة شديدة ومبالغ فيها ( عضب شديد ، حب شديد ، كراهية شديدة) وتتميز كذلك بالتنوع والانتقال من انفعال لآخر.

ويتمركز الحب كله حول الوالدين. وتظهر الانفعالات المركزة حول الذات مثل الخجل والإحساس بالذنب ومشاعر الثقة بالنفس والشعور بالنقص ولوم الذات والاتجاهات المختلفة نحو الذات.

ويزداد الخوف في هذه المرحلة ويقل كلما شعر الطفل بقوة وأمان وتحكم ببيئته أكثر. وتزداد مثيرات الخوف عدداً ونوعاً. ومن أهم مخاوف الأطفال في هذه المرحلة الخوف من الانفصال عن الوالدين. ويلاحظ ترابط بين مخاوف الطفل وأمه لأن الطفل يتعلم الخوف مما تخافه أمه أو محيطه بشكل عام.

وتظهر نوبات الغضب المصحوبة بالاحتجاج اللفظي والأخذ بالثأر أحياناً ، ويصاحبها العناد والمقاومة والعدوان خاصة عند حرمان الطفل من إشباع حاجاته.

وتشتعل نيران الغيرة عند ولادة طفل جديد. وفي نهاية هذه المرحلة يميل الطفل نحو الاستقرار الانفعالي.

4. النمو الانفعالي في الطفولة المتوسطة

تشمل هذه المرحلة السنين الثلاث الأولى من المدرسة الابتدائية. وتمتد هذه المرحلة من 6 إلى 9 سنوات. يتجه الطفل في هذه المرحلة نحو الثبات والاستقرار الانفعالي إلا أنه لا يصل إلى النضج الانفعالي ، فهو قابل للاستثارة ويكون لديه بواق من الغيرة والعناد والتحدي.

وفي هذه المرحلة يتعلم الأطفال كيف يشبعون حاجاتهم بطريقة بناءة أكثر من محاولة إشباعها عن طريق نوبات الغضب كما في المراحل السابقة.

وتتكون العواطف والعادات الانفعالية ، ويبدي الطفل الحب ويحاول الحصول عليه ، ويحب المرح ، وتتحسن علاقاته الاجتماعية والانفعالية مع الآخرين ، ويقاوم النقد بينما يميل إلى نقد الآخرين ، ويشعر بالمسؤولية ويستطيع تقييم سلوكه الشخصي.

ويعبر عن غيرته بمظاهر سلوكية منها الضيق والتبرم ممن يسبب له هذا الشعور. وتلاحظ مخاوف الأطفال بدرجات مختلفة. ويكون خوفه من المدرسة والعلاقات الاجتماعية وعدم الأمن الاجتماعي والاقتصادي.

كما أن نوبات الغضب تظهر في هذه المرحلة بشكل خاص في مواقف الإحباط.

5. النمو الانفعالي في الطفولة المتأخرة

تشمل هذه المرحلة السنين الثلاث الأخيرة من المرحلة الابتدائية وتمتد من 9 إلى 12 سنة. ويحاول الطفل في هذه المرحلة التخلص من الطفولة والشعور بأنه قد كبر. ويطلق بعض الباحثين على هذه المرحلة اسم مرحلة الطفولة الهادئة فالطفل يصل إلى الاستقرار والثبات الانفعالي فيها.

وتتصف هذه المرحلة بضبط الانفعالات ومحاولة السيطرة على النفس وعدم إفلات الانفعالات ، ويتضح الميل للمرح ، وتنمو الاتجاهات الوجدانيـة.

وتقل مظاهر الثورة الخارجية ، ويتعلم الطفل كيف يتنازل عن حاجاته العاجلة التي قد تغضب الوالدين. ويتمثل التعبير عن الغضب بالمقاومة السلبية مع التمتمة ببعض الألفاظ وظهور تعبيرات الوجه.

ويكون التعبير عن الغيرة بالوشاية والإيقاع بالشخص الذي يغار منه. ويحاط الطفل ببعض مصادر القلق والصراع ، ويستغرق في أحلام اليقظة ، وتقل مخاوفه ، وتتجه الميول إلى التخصص أكثر ، وتصبح أكثر موضوعية ، وتظهر الميول المهنية ، ولا يهتم الطفل في هذه المرحلة بعمل إلا إذا كان يميل له.{2} 

المراجع

1. علم النفس النمو الطفولة والمراهقة / الدكتور عبد السلام زهران / تحديث وتعديل موقع المصدر النفسي.
2. موقع beyou.edu..au / تعديل موقع المصدر النفسي.

زر الذهاب إلى الأعلى