الهوس “Mania”

الهوس ، وباللغة الإنجليزية “Mania” هو اضطراب نفسي يتميز بتغيرات شديدة في المزاج وزيادة الطاقة والنشاط الحركي والتفكير. ويمكن أن يؤثر على الحياة اليومية للشخص المصاب به بشكل كبير ، حيث يصبح الشخص أكثر نشاطاً وحماساً ويتمتع بمستويات عالية من الطاقة ، مما يجعله يميل إلى القيام بأنشطة خطرة وغير ملائمة.

ويشير العلماء إلى أن هناك عدة عوامل يمكن أن تسبب الإصابة بهذا الاضطراب ، وتتم معالجته بشكل رئيسي من خلال استخدام العلاج النفسي والدوائي.

الهوس

يعرف الهوس بأنه حالة تتميز بانفعال ونشاط زائدين وغير طبيعيين وغالباً ما يكون جزءاً من الاضطراب ثنائي القطب. ويمكن أن يحدث بشكل فردي في بعض الأحيان. ويتميز بارتفاع المزاج والتفاؤل الزائد ، وزيادة الطاقة والنشاط ، وزيادة وسرعة الكلام ، وانخفاض القدرة على التركيز واتخاذ القرارات. ويتم تشخيصه إذا استمرت هذه الأعراض لأسبوع على الأقل.

أعراض الهوس

يتميز الهوس بمجموعة من الأعراض التي تؤثر على الصحة النفسية والجسدية للمصاب به ، تشمل الأعراض التالي :

  • ارتفاع المزاج بشكل كبير ، حيث يشعر المصاب بالفرح والسعادة الشديدة. وكذلك التفاؤل المفرط والآمال الكبيرة وغير الواقعية.
  • زيادة كبيرة في الطاقة . حيث يكون المصاب نشيط بشكل مفرط ولا يتوقف عن الحوكة.
  • صعوبة في النوم أو الحصول على كمية كافية من النوم. مع القدرة على البقاء مستيقظاً دون الشعور بالتعب.
  • تشتت الانتباه وعدم قدرة على التركيز. مع القيام بالعديد من الأنشطة في آن واحد.
  • وجود أفكار غير واقعية ومبالغ فيها وغير قابلة للتحقق ، مثل الاعتقاد بأنه يمتلك قدرات خارقة أو بأنه يملك معرفة فائقة.
  • الكلام بشكل سريع . مع تغيير موضوع الحديث بسرعة.
  • اتخاذ قرارات سريعة وعشوائية دون النظر للعواقب.
  • القيام بأنشطة خطرة ، مثل القيادة بسرعة فائقة أو الإنفاق الزائد على الأمور الغير ضرورية.
  • الشعور بالقوة والسلطة والتفوق على الآخرين ، وقد يكون لديه إحساس بأنه فوق القوانين ولا يمكن لأي شيء أن يوقفه.
  • عدم التعاطف مع الآخرين.

يجب ملاحظة أن الأعراض المذكورة ليس ضرورياً أن تظهر جميعها عند كل المصابين ، وأنه يمكن أن يختلف الشخص المصاب في الأعراض التي يعاني منها وفي شدتها.

أنواع الهوس

هناك نوعان رئيسيان من الهوس :

1- الهوس الخفيف

الهوس الخفيف “Hypomania” يكون الشخص المصاب به مرتفع المزاج ونشيط ومليء بالحيوية ، لكنه قادر على القيام بأعماله اليومية بشكل طبيعي ولا يؤثر الاضطراب حياته بشكل كبير. ويتمثل بالتالي :

  • ارتفاع المزاج والحيوية ، ولكن بشكل معتدل لا يسبب للمصاب عدم القدرة على النوم.
  • زيادة النشاط ، ولكن بشكل وسطي.
  • يكون المصاب أكثر إبداعاً وإنتاجية.
  • لا يؤثر على قدرته على التحدث.
  • يظل قادراً على القيام بمهامه اليومية بشكل طبيعي ، ولا يحدث أذى لنفسه أو للآخرين أو مشاكل كبيرة في عمله.

يجب ملاحظة أنه إذا استمر هذا النوع لفترة طويلة ، قد يتحول لهوس حاد. لذا يجب علاجه.

2- الهوس الحاد

يصبح الشخص المصاب بهذا النوع غير قادر على السيطرة على نشاطه وعواطفه وأفكاره. مما يجعله يواجه صعوبة في القيام بمهام العمل والحياة اليومية. كما يمكن أن يقوم بأفعال غير منطقية وخطيرة. ويتمثل بالتالي :

  • ارتفاع المزاج لدرجة عدم القدرة على النوم والشعور بالسعادة المفرطة. كما تكون الآمال والتوقعات مبالغ فيها وغير واقعية.
  • زيادة شديدة في النشاط. حيث يصعب على الشخص البقاء هادئاً.
  • عدم الشعور بالتعب والاستمرار بالحركة.
  • عدم القدرة على التركيز أو الاهتمام بشيء محدد لفترة طويلة. بالإضافة لتشتت الانتباه بسهولة.
  • أفكار غير واقعية ومبالغ فيها لدرجة كبيرة.
  • التحدث بسريعة ولا يمكنه السيطرة على حديثه.
  • القيام بأنشطة خطيرة.
  • فقدان القدرة على التعاطف مع الآخرين.

أسباب الهوس

لا يوجد سبب دقيق ومحدد للهوس ، إنما يحدث نتيجة لتفاعل مجموعة من العوامل ، تشمل :

  • العوامل الوراثية : حيث أن الأشخاص الذين لديهم أحد الوالدين يعاني من الهوس أو الاضطراب الثنائي القطب يزداد خطر الإصابة عندهم بهذا الاضطراب.
  • التغيرات الكيميائية في الدماغ : حيث يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى الدوبامين (Dopamine) والنورأدرينالين (Norepinephrine) في المخ إلى الإصابة بهذا الاضطراب.
  • التوتر النفسي : حيث أن الأشخاص الذين يعانون من الضغوط النفسية الشديدة أو الذين تعرضوا لصدمات نفسية قد يكونوا أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب.
  • الاضطرابات النفسية الأخرى : يمكن أن تؤدي الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب واضطراب القلق ، إلى حدوث الهوس.
  • العوامل البيئية : حيث يمكن أن تساهم بعض العوامل البيئية ، مثل الإدمان على المخدرات والكحول والتغيرات في النظام الغذائي ، في حدوث هذا الاضطراب

مضاعفات الهوس

يمكن أن يؤدي الهوس إلى العديد من المضاعفات التي تؤثر على حياة المريض والأشخاص المحيطين به ، وتشمل هذه المضاعفات :

  • التعرض لإصابات نتيجة القيام بأنشطة خطرة أو بسبب فقدان السيطرة على النفس.
  • القيام بسلوكيات غير مقبولة اجتماعياً مثل الإفراط في التصرفات الجنسية أو القيام بأعمال غير قانونية.
  • مشاكل عائلية أو اجتماعية.
  • تدني مستوى العمل والأداء بسبب عدم القدرة على التركيز.
  • الوقوع في مشاكل مالية نتيجة القيام بالشراء بشكل مفرط أو الاستثمارات غير المنطقية.

تشخيص الهوس

يتم تشخيص الهوس عن طريق إجراء تقييم نفسي وفحص طبي للمرض. ويشمل ذلك التالي :

  • تقييم الأعراض المرتبطة بالهوس ، مثل زيادة النشاط والطاقة والتفاؤل الزائد والتفكير السريع والتحدث السريع والانفعالات العاطفية الشديدة.
  • الاستفسار عن تاريخ الأمراض النفسية السابقة والعلاجات التي تم تلقيها وأي تغييرات في نمط الحياة الذي قد يكون له تأثير على الحالة النفسية.
  • يتم إجراء فحص جسدي لاستبعاد أي أسباب جسدية محتملة للأعراض المرتبطة بهذا الاضطراب.
  • وأخيراً يتم إجراء اختبارات نفسية لتقييم حالة المريض وتحديد التشخيص الدقيق.

علاج الهوس

يتم علاج الهوس بشكل رئيسي باستخدام العلاج الدوائي والنفسي، ويختلف العلاج المناسب باختلاف العوامل المسببة للاضطراب وشدته وتأثيره على الحياة اليومية للفرد.

1- العلاج الدوائي

يتم استخدام العلاج الدوائي بشكل شائع ، ويتم استخدام عدة أنواع مختلفة من الأدوية لتحسين الحالة النفسية للمريض. ومن بين الأدوية الشائعة المستخدمة :

  • مضادات الذهان : مثل الهلوبريدول (Haloperidol) والأولانزابين (Olanzapine) والكلوزابين (Clozapine). تعمل هذه الأدوية على تخفيف الأعراض المتعلقة بالهوس ، مثل الانفعالات العاطفية الشديدة والتفكير السريع والتحدث السريع.
  • مثبطات استرداد السيروتونين : مثل الفلوكسيتين (Fluoxetine) والسيرترالين (Sertraline) والباروكسيتين (Paroxetine). تستخدم لتحسين المزاج وتخفيف الأعراض المرتبطة بالاضطراب.
  • المثبطات الانتقائية لإعادة امتصاص النورأدرينالين والدوبامين : تستخدم مثل الديزيبراميد (Desipramine) والنورأبرينفرين (Norepinephrine)، وتستخدم لتحسين المزاج وتخفيف الأعراض.
  • مشتقات الليثيوم : مثل كربونات الليثيوم (Lithium Carbonate) ، وتستخدم لتحسين المزاج وتقليل الأعراض المرتبطة بالاضطراب ، مثل الانفعالات العاطفية الشديدة والتحدث السريع.

يجب أخذ الأدوية بموجب وصفة طبية من قبل طبيب نفسي حصراً ، ويجب مراقبة الأعراض وتعديل الجرعة وفقاً للاستجابة المحددة للدواء. ويجب عدم التوقف عن استخدام الدواء دون استشارة الطبيب.

2- العلاج النفسي

يساعد العلاج النفسي على تحسين أعراض الهوس وتحسين جودة حياة المريض. ومن بين العلاجات النفسية الشائعة المستخدمة في علاج الهوس :

  • العلاج السلوكي المعرفي : يهدف إلى تعليم المريض كيفية التعامل مع الأعراض المرتبطة بالاضطراب والتفكير بشكل أكثر واقعية وإيجابية ، وتحسين السلوكيات السلبية وتشجيع السلوكيات الإيجابية.
  • العلاج النفسي الجماعي : يمكن استخدامه لزيادة الدعم الاجتماعي للمريض ، وتقديم النصائح والإرشادات للتعامل مع الأعراض المرتبطة بالاضطراب.

3- العلاج الكهربائي

يتم استخدام العلاج الكهربائي (ECT) كخيار ثانوي في بعض الحالات الشديدة والتي لا تستجيب للعلاج الدوائي أو النفسي. ويعد العلاج الكهربائي آمن وفعال في علاج الهوس في فترة زمنية قصيرة.

يتضمن العلاج الكهربائي تطبيق صدمات كهربائية على الدماغ ، ويتم ذلك بتمرير تيار كهربائي عن طريق الجلد بمساعدة أقطاب موضوعة على فروة الرأس إلى الدماغ. يتم إدارة التيار بشكل منتظم ومتكرر خلال فترة زمنية قصيرة ويتم تنفيذ العلاج الكهربائي في مراكز الرعاية الطبية.

4- تغيير نمط الحياة

حيث يمكن أن يساعد إجراء بعض التغييرات في نمط الحياة على تحسين بعض أعراض هذا الاضطراب ، وتشمل التغييرات التالي :

  • النوم بشكل كافٍ ومنتظم. من 7-9 ساعات ليلاً.
  • تناول غذاء صحي يحتوي على كميات كافية من الفيتامينات والمعادن والبروتينات الضرورية للصحة الجسدية والنفسية.
  • ممارسة الرياضة بانتظام.
  • تخصيص وقت للاسترخاء والراحة ، والقيام بالأنشطة التي تساعد على الاسترخاء والهدوء ، مثل اليوجا أو التأمل.
  • العمل على تحسين العلاقات الاجتماعية.

أسئلة شائعة حول الهوس

هل الهوس نوع من أنواع الجنون؟

لا يمكن القول أن الهوس نوع من أنواع الجنون ، حيث أن الجنون مصطلح غير طبي وغير دقيق يستخدم بشكل عام لوصف حالات نفسية شديدة ، ويمكن أن يشير إلى مجموعة واسعة من الحالات النفسية المختلفة.

ومن المهم أن نفهم أن الأمراض النفسية هي حالات طبية وتتطلب تشخيصاُ وعلاجاً من قبل متخصصي الصحة النفسية المؤهلين ، ولا يجب استخدام مصطلحات غير دقيقة أو نمطية لوصف هذه الحالات.

هل مرض الهوس خطير؟

نعم ، يمكن أن يكون مرض الهوس خطيراً إذا لم يعالج بشكل صحيح. وذلك لأنه قد يتسبب بالقيام بسلوكيات خطرة مثل المشاركة في أنشطة مليئة بالمخاطر ، وهذا قد يتسبب بإصابات أو مشاكل أخرى.

كما أنه يمكن أن يسبب مشاكل اجتماعية وعملية ، مثل الخلافات مع الآخرين أو تدني الأداء في العمل أو الدراسة. وغيرها الكثير من المشاكل. يمكنك الاطلاع عليها من خلال قراءة فقرة المضاعفات.

كيف تتعامل مع مريض الهوس؟

هناك بعض النصائح التي تساعدك في التعامل بشكل صحيح مع شخص مصاب بالهوس :

  1. ابقَ هادئاً ولا تنفعل. حاول التحدث إلى المريض بهدوء وصبر ، دون رفع صوتك أو مقاطعته.
  2. تجنب المواجهة المباشرة. لأنها قد تزيد من شعور الشخص بالتهديد وتؤدي إلى تفاقم الحالة.
  3. لا تناقشه في أفكاره أو تصرفاته.
  4. حاول تهدئته وتشجيعه على النوم. لأن النوم قد يساعد في تخفيف حدة الهوس.
  5. لا تشجعه على القيام بأنشطة خطرة. وحاول إبعاده عن أي مواقف محفوفة بالمخاطر.
  6. شجعه على زيارة الطبيب والحصول على العلاج المناسب.
  7. لا تتركه وحيداً إذا كان الهوس غير قابل للسيطرة. لأنه بحاجة إلى البقاء تحت المراقبة.
  8. لا تنتقد أو تعترض على تصرفاته أثناء حالة الهوس. بل حاول تشجيعه على التحدث عن مشاعره.
  9. استمع له بتفهم وتعاطف ، حتى لو كانت أفكاره غير واقعية. فقد يحتاج للتفريغ العاطفي.
  10. عندما يهدأ ، قدم له الدعم والمساعدة لمواجهة أي آثار سلبية لحالة الهوس. مثل المشاكل المالية أو توتر العلاقات.

كيف أعرف أني مصاب بالهوس؟

هناك مجموعة من العلامات التي قد تدل على إصابتك بالهوس ، تشمل :

  • ارتفاع المزاج بشكل غير طبيعي لفترات طويلة (أسابيع). مع شعور مستمر بالحماس والنشاط.
  • تغيرات ملحوظة في نمط النوم. مثل عدم القدرة على النوم لعدة أيام متتالية أو الحاجة للقليل من النوم في اليوم.
  • زيادة الطاقة والنشاط لدرجة تمنعك من الجلوس هادئاً. مع صعوبة التركيز على شيء معين لفترة طويلة.
  • التكلم بسرعة ولفترات طويلة دون توقف. مع تنقل مفاجئ بين المواضيع.
  • عدم الشعور بالخوف. والقدرة على القيام بأشياء لم تكن تجرؤ على القيام بها من قبل.
  • القيام بأنشطة خطرة أو الدخول في علاقات جنسية غير آمنة.
  • عدم التفكير بعقلانية قبل اتخاذ القرارات.

إذا استمرت هذه الأعراض لمدة أكثر من أسبوع ، فيجب عليك زيارة الطبيب وتلقي التشخيص والعلاج الدقيق والمناسب.

كم هي مدة علاج الهوس؟

لا يوجد مدة ثابتة لعلاج الهوس. تختلف مدة العلاج حسب شدة الاضطراب ، ووجود أمراض أخرى ، واستجابة المريض للعلاج ، وتكرار حالات الهوس. فمن الممكن أن يستغرق العلاج أسابيعاً في حال الهوس الخفيف ، في حين قد يحتاج الحادة والمتكرر إلى عدة أشهر للسيطرة على الأعراض ومنع الانتكاسات.

زر الذهاب إلى الأعلى