رهاب الخلاء “رهاب الميادين”

رهاب الخلاء ، ويشار إليه باللغة الإنجليزية “Agoraphobia”، هو اضطراب نفسي يعاني منه الكثير من الأشخاص حول العالم. يتميز بخوف مرضي شديد من التواجد في الأماكن التي يصعب الهروب فيها أو الحصول على المساعدة في حال الشعور بالخوف. مثل : الأماكن المزدحمة ، والمصاعد ، والحفلات ، والرحلات الجوية ، والأماكن العامة ، وغيرها.

لا يوجد سبب دقيق يؤدي إلى الإصابة بهذا الاضطراب ، ولكن هناك عدة عوامل يحتمل أن تؤدي إلى الإصابة بهذا الاضطراب. ويوجد عدة طرق علاجية لعلاج رهاب الخلاء ، من أهما العلاج النفسي والدوائي. وفي ما يلي سوف نتحدث عن هذه الاضطراب بالتفصيل.

ما هو رهاب الخلاء

رهاب الخلاء أو رهاب الميادين هو أحد اضطرابات القلق ، يتميز بالخوف الشديد من الأماكن أو الأوضاع المغلقة أو تلك التي يصعب الهرب منها. ويعرف بأنه خوف شديد من الأماكن أو المواقف أو الظروف التي قد يكون فيها الهروب أو الخروج صعباً أو مستحيلاً ، مثل : الأماكن المغلقة ، الأماكن الضيقة والمزدحمة ، الأنابيب أو الأنفاق أو غيرها من الأشكال المستطيلة ، الأماكن التي لا يوجد فيها نوافذ. مما يجعل الشخص يتجنب التواجد في هذه الأماكن.

ويمكن أن يحدث هذا الخوف نتيجة لاعتقاد المصاب بعدم وجود طريق سهل للهرب أو الحصول على المساعدة في حال حدث شيء ما. ويمكن أن يتجنب المصاب مواقف معينة بسبب مخاوف مثل إضاعة الطريق أو السقوط أو الإصابة بالإسهال وعدم التمكن من الوصول إلى دورة المياه. وتحدث الإصابة برهاب الخلاء لدى معظم الأشخاص بعد تعرضهم لنوبة هلع أو أكثر ، مما يجعلهم قلقين بشأن التعرض لنوبة أخرى. ويؤدي بهم ذلك إلى تجنب الأماكن التي يمكن أن تحدث فيها النوبات مرة أخرى.

أعراض رهاب الخلاء

يعاني المصاب برهاب الخلاء من مجموعة أعراض نفسية وجسدية ، تشمل التالي :

الأعراض النفسية

  • الخوف الشديد من التعرض أو التواجد في الأماكن التي يصعب الهروب فيها أو الحصول على المساعدة في حالة الشعور بالهلع أو الخوف.
  • الشعور بالهلع والخوف الشديد عند التعرض للأماكن والحالات المذكورة ، والشعور بالتشنج والتعرق والدوخة والتعب.
  • الشعور بالتوتر والانزعاج المستمر.
  • الانعزال الاجتماعي ، والتجنب الشديد للأماكن والحالات التي تثير الخوف والهلع.
  • صعوبة في التفاعل مع العالم الخارجي ، والإحساس بالعجز والضعف وعدم القدرة على السيطرة على الأحداث.
  • الاكتئاب والتشاؤم الشديد ، والشعور بالإحباط واليأس وعدم الاستمتاع بالحياة.

الأعراض الجسدية

تظهر الأعراض الجسدية عند التفكير أو التواجد في الأماكن التي يخاف المصاب من التواجد فيها ، وتشمل الأعراض :

  • الصداع والدوار والتشنجات العضلية.
  • التعرق والتلبك والتوتر العصبي.
  • الغثيان والتقيؤ والإسهال.
  • خفقان القلب وتسارع دقاته.
  • التنفس بشكل سريع أو ضيق التنفس.
  • الشعور بالتعب والإرهاق وعدم الراحة.
  • الشعور بالوخز والتنميل والشلل في الأطراف.

يمكن أن تتفاوت حدة وتأثير هذه الأعراض من شخص لآخر ، ويمكن أن تزداد الأعراض سوءاً في حالات الهلع الشديد. ويعتبر التعرض المستمر لهذه الأعراض عاملاً مساهماً في تفاقم الإصابة وأيضاً الإصابة باضطرابات نفسية أخرى.

أسباب رهاب الخلاء

لا يوجد سبب دقيق ومحدد لرهاب الخلاء ، بل هناك عدة عوامل محتملة للإصابة ، وقد يتفاوت التأثير النسبي لكل عامل على حدة من شخص لآخر. وتشمل هذه العوامل :

  • العوامل الوراثية : حيث يمكن أن يكون للوراثة دور في زيادة احتمالية الإصابة برهاب الخلاء ، وقد يكون لبعض الجينات دور في تفاقم الأعراض أو تفاقم الاضطراب.
  • أحداث الحياة المؤلمة : مثل فقدان العمل أو الانفصال عن الشريك أو وفاة أحد الأفراد القريبين ، حيث يمكن أن يؤدي الضغط النفسي النفسي الناتج عن هذه الأحداث إلى تفاقم الاضطراب.
  • الخوف من الموت أو الإصابة بضرر جسدي : حيث يخشى الشخص المصاب برهاب الخلاء من الإصابة بنوبة هلع في مكان عام وعدم تمكنه من الهروب أو الحصول على المساعدة الطبية في الوقت المناسب.
  • الخبرات السلبية السابقة : حيث يمكن أن تؤدي الخبرات السيئة السابقة ، مثل تعرض الشخص لحوادث مرعبة أو نوبات هلع سابقة ، إلى تفاقم أو الإصابة برهاب الخلاء.
  • الاضطرابات النفسية الأخرى : مثل اضطراب الهلع ، واضطراب القلق العام ، حيث يمكن أن يرتبط رهاب الخلاء بأي من هذه الاضطرابات.

مضاعفات رهاب الخلاء

يمكن أن يؤدي رهاب الخلاء إلى العديد من مضاعفات التي تؤثر على المصاب وجودة حياته ، ومن بين هذه المضاعفات :

  • الانعزال الاجتماعي : حيث يمكن أن يؤدي رهاب الخلاء إلى تجنب الشخص المصاب الأماكن العامة والحد من نشاطاته الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين.
  • الاكتئاب : حيث يمكن أن يصاب الشخص بالاكتئاب نتيجة للانعزال الاجتماعي والتقييد الذي يفرضه الاضطراب على حياته.
  • الإدمان على المخدرات : حيث يمكن أن يلجأ الشخص إلى تعاطي المخدرات كوسيلة لتخفيف القلق والخوف الذي يشعر به.
  • العجز الوظيفي : حيث يمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى تقليل الحرية الشخصية وتقييد الحركة ، مما يؤثر على القدرة على العمل والحياة اليومية.
  • الإصابة بالاضطرابات النفسية الأخرى : مثل الاكتئاب واضطرابات القلق الأخرى.

الوقاية من الإصابة برهاب الخلاء

لا يوجد طرق وقاية مؤكدة من الإصابة برهاب الخلاء ، ولكن هناك بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتقليل احتمالية الإصابة بهذا الاضطراب ، ومن هذه الإجراءات :

  • الحفاظ على الصحة النفسية ، وذلك من خلال ممارسة الرياضة بانتظام ، وتناول الأغذية الصحية ، والنوم بشكل كافي ، والتعلم والتطوير الشخصي ، وتنمية العلاقات الاجتماعية.
  • العلاج المبكر في حالة الشعور بأي من الأعراض المرتبطة برهاب الخلاء ، وذلك يساعد على تجنب تفاقم الأعراض والوصول إلى الشفاء بشكل أسرع.
  • تفادي الانعزال الاجتماعي.

تشخيص رهاب الخلاء

يتم تشخيص رهاب الخلاء عن طريق الطبيب أو الأخصائي النفسي ، ويتضمن التشخيص عدة خطوات ، تشمل :

  1. التحدث مع المريض للتعرف على تاريخه الصحي والنفسي ، وتحديد الأعراض التي يشعر بها.
  2. يتم إجراء الفحوصات الطبية لاستبعاد أي أسباب جسدية قد تكون وراء الأعراض.
  3. يتم تقييم الحالة النفسية للمريض ، وتحديد الأعراض المرتبطة برهاب الخلاء ، والتمييز بين هذا الاضطراب وغيره من الاضطرابات النفسية.
  4. يتم استخدام الاستبيانات والأدوات التقييمية لتحديد درجة الاضطراب ونوعه.
  5. يتم فحص الوظائف العقلية الأساسية ، مثل الذاكرة والتركيز والانتباه والوعي ، وذلك للاستبعاد أي أسباب أخرى قد تكون وراء الأعراض.

علاج رهاب الخلاء

يوجد عدة طرق علاجية لرهاب الخلاء ، يتم تحديد الطريقة المناسبة بناءً على حالة المريض وظروفه الشخصية. تشمل الخيارات العلاجية :

العلاج النفسي

يشمل العلاج النفسي لرهاب الخلاء عدة أساليب ، هي :

  • العلاج السلوكي المعرفي : يهدف إلى تغيير السلوكيات السلبية المرتبطة برهاب الخلاء ، وتعليم المريض كيفية التعامل مع المواقف التي تثير الخوف والقلق لديه ، وذلك من خلال تعلم التفكير الإيجابي وتغيير السلوكيات السلبية.
  • العلاج الوظيفي : يهدف إلى تعليم المريض كيفية التعامل مع المواقف التي تثير الخوف والقلق لديه ، وذلك من خلال تعلم المهارات الحياتية المختلفة ، مثل التعامل مع الضغوط والتواصل الاجتماعي وإدارة الوقت.
  • العلاج النفسي الديناميكي : يهدف إلى تعلم المريض كيفية التعامل مع أسباب الخوف الذي يواجهه ، وذلك من خلال تحليل الأسباب النفسية للمشكلة وتغيير النمط السلوكي السلبي.

العلاج الدوائي

يتم استخدام العلاج الدوائي لرهاب الخلاء لتخفيف بعض الأعراض المرتبطة بالاضطراب ، ومن بين الأدوية المستخدمة :

  • مضادات الاكتئاب : مثل السيرترالين والفلوكستين ، وهذه الأدوية تعمل على تحسين المزاج وتخفيف الأعراض المرتبطة بالاكتئاب والقلق.
  • مضادات القلق : مثل الألبرازولام والدايازيبام ، تعمل هذه الأدوية على تخفيف القلق والتوتر.

يجب الإشارة إلى أن استخدام الأدوية يجب أن يتم بعد استشارة الطبيب ، ويجب اتباع الجرعات الموصوفة وتجنب تناول جرعات زائدة ، لتفادي أي آثار جانبية للأدوية.

العلاج التكميلي

يشمل عدة أساليب تكميلية تستخدم بجانب العلاج النفسي أو الدوائي ، ومن بين هذه الأساليب :

  • التدريب على الاسترخاء : يهدف إلى تعليم المريض كيفية الاسترخاء وتهدئة الجسم ، ويمكن استخدام التمارين التنفسية وتمارين اليوغا والتأمل لتحقيق هذا الهدف.
  • العلاج الغذائي : يمكن أن يساعد في تحسين الصحة العامة للجسم والعقل ، وذلك من خلال تناول الأطعمة الصحية والمغذية ، وتجنب المنتجات الغذائية التي يمكن أن تسبب القلق والتوتر.
  • العلاج الطبيعي : مثل العلاج بالتدليك والحجامة ، ويستخدم لتخفيف الضغط النفسي والعصبي ، وتحسين الصحة العامة للجسم.
  • العلاج بالأعشاب الطبية : يمكن استخدام بعض الأعشاب ، مثل البابونج واللافندر والكاموميل ، لتخفيف القلق والتوتر وتحسين النوم.

التعرض المتدرج

هو نوع من العلاج النفسي يتم فيه تدريجياً تعريض المريض للمواقف التي تثير الخوف والقلق لديه ، وذلك بشكل تدريجي ومنخفض الشدة ، ويهدف إلى تعليم المريض كيفية التعامل مع المواقف المرتبطة بالرهاب. يتم تنفيذ التعرض المتدرج لرهاب الخلاء عادة على مراحل ، تشمل :

  • تحديد المواقف التي تثير الخوف والقلق لدى المريض ، وتصنيف هذه المواقف حسب درجة الخوف والقلق الذي يثيرها.
  • تعليم المريض التقنيات المختلفة للإرخاء وتهدئة الجسم كتقنية التنفس العميق والتأمل والتدريب العضلي التدريجي.
  • تعريض المريض للمواقف التي تثير الخوف والقلق لديه ، بشكل تدريجي من المواقف الأقل إثارة للخوف حتى تصبح لا تثير الخوف إلى المواقف الأكثر خوفاً ، وتعلم المريض كيفية التعامل مع هذه المواقف بشكل فعال.

كيف أعرف أني أعاني من رهاب الخلاء؟

في ما يلي بعض العلامات التي تشير إلى وجود هذا الاضطراب ، تشمل :

  • الخوف الشديد من المواقف التي تحتمل عدم القدرة على الهروب ، مثل الأماكن العامة المزدحمة ، أو الرحلات الجوية ، أو النقل العام.
  • تجنب الأماكن التي تثير الخوف ، والتي يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالحرج.
  • القلق الزائد والشديد والذي يؤثر على الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية.
  • الشعور بالتعرق والدوخة والأعراض الجسدية الأخرى عند التعرض للمواقف التي تثير الخوف.
  • الشعور بالحرج عند التعامل مع المواقف التي تثير الخوف.
  • الشعور بالعجز عن التحكم في الخوف والقلق.

إذا كنت تعاني من هذه الأعراض ، فيجب عليك استشارة طبيب نفسي لتشخيص حالتك بدقة ، وتلقي العلاج المناسب.

هل يمكن الشفاء من رهاب الخلاء؟

نعم ، يمكن الشفاء من رهاب الخلاء ، وذلك بعد تلقي العلاج المناسب. وتختلف مدة العلاج من شخص لآخر ، حيث تعتمد على عدة عوامل مثل شدة الأعراض والحالة العامة للمريض والاستجابة للعلاج.

زر الذهاب إلى الأعلى