الخوف من المدرسية عند الأطفال ( الفوبيا المدرسية )

تعرف الفوبيا على أنها خوف شديد من شيء ما دون وجود سبب حقيقي وواضح لذلك ، ويمكن أن تؤدي الفوبيا إلى نوبات هلع أو قلق شديد. عادة ما تبدأ فوبيا المدرسة عند الأطفال بين سن الخامسة والسبعة سنوات.

الفوبيا المدرسية عند الأطفال

إن الغياب المطول عن المدرسة كان يعرف قديماً باسم التسكع المدرسي ، ولكن منذ عام 1932 قام الباحث ” برودوين ” بالوصف الإكلينيكي لهذه الظاهرة ، ووجـد عند جماعة من الأطفال أن رفضهم للذهاب للمدرسة لا يكمن في الرغبة فـي التـسكع ، وإنمـا يصاحبه دائما الرغبة في العودة إلى البيت ، فاعتبر ذلك من أعراض وجود مشكلة في شخصيتهـم حيث لاحظ أنه ينتابهم الخوف من أن شيئاً ما مرعباً سـيحدث لأمهـاتهم ، ممـا يجعــلهم يتلهفـون ويتسارعون إلى البيت للاطمئنان وللتخفيف من قلقهم.{1}

ويعرف فونتان وآخرون الفوبيا المدرسية بأنها عـدم المواظبـة فـي الـذهاب إلـى المدرسة.{2} وفي عام 1941 استعمل الباحث “جونـسون ” عبـارة الفوبيا المدرسية لوصف الأطفال الذين يرفضون الذهاب إلى المدرسـة لأسـباب غيـر معقولـة ويقاومون هذا الذهاب بردود أفعال كالقلق عند إجبارهم على ذلك.{3}

ويعرف الباحث جونسون الفوبيا المدرسـية علـى أنها : رفض الالتحاق بالمدرسة ، أو مقاومة الذهاب إليها ، من خلال إظهار استجابات حـصرية حادة ، ومن خلال الذعر عندما يجبر الطفل على ذلك. وبهذا تعتبر الفوبيا المدرسـية مـن أكثر المخاوف المرضية شيوعاً عند تلاميذ المدارس الابتدائية.

وانطلاقاً مما سبق يمكن القول أن الفوبيا المدرسية عبارة عن نوع من المخاوف التي يعيشها الطفل ، حيث يرفض الذهاب إلى المدرسة ويقاومه ، ويحدث ذلك نتيجة أسباب غيـر معقولـة أو واقعية.

أسباب الفوبيا المدرسية عند الأطفال

يمكن تلخيص أهم أسباب الخوف من المدرسية فيما يلي :

1. شخصية الطفل

يعاني الأطفال المصابين بالفوبيا المدرسية من صعوبات في تحقيـق استقلاليتهم ، والتحكم في ذواتهم عندما يتواجدون لوحدهم بعيدين عن الأهل ، وغالباً ما يظهر هؤلاء الأطفال الانطواء أو العزلة الاجتماعية ، وتكثر مطالبهم على الوالدين ( مفـرط الاتكاليـة ) ، حيـث يكونون شديدي التأثير عليه وهذا يحدث داخل البيت ، أما خارجه و خصوصاً في المدرسة ، فـإنهم يشعرون بالقلق والتهديد وهم بعيدون عن أوليائهم.{1}

2. الحماية الزائدة و التدليل

فقد تبين أن الأم التي تدلل طفلها و توفر له الحماية الزائـدة فإنها تنمـي فيـه روح الاتكالية والاعتماد عليها في كل شيء ، مما يجعلـه يتعلـق بهـا ، ولا يستطيع الابتعاد عنها مهمـا كان الأمر ، ويشعر بالتهديد والخوف والقلق إذا ابتعد عنها.

3. الخلافات الأسـرية

إن إحساس الطفل بوجود خلافات ومشاجرات بين والديـه ، تجعلـه مهموماً وخائفاً عليهما فإذا ترك البيت وذهب إلى المدرسة فبذلك يشعر بالقلق والانزعاج ويكون غيـر مرتاح البال خشية حدوث شيء في البيت أثناء وجوده في المدرسة.

4. قلق الأم على طفلها

تعاني بعض الأمهات من القلق الزائد على طفلها خاصة إذا كان وحيداً أو الطفل الوحيد فعندها تنتقل مشاعر القلق عند الأم إلى الطفل بالتعلم ، وبالتالي يشعر الطفل بالقلق كلما ابتعد عن أمه ، ويشعر بالخوف من مكان لا تكون فيه أمه ، فتظهر عليه أعراض فوبيـا المدرسية ، لأن المدرسة تبعده عن أمه التي يرغب في البقاء معها.

5. الخبرات المؤلمة في المدرسة

قد يواجه الطفل بعض الخبرات القاسية في المدرسة التي تسبب له الفوبيا ومنها نجد : العقاب ، التخويف ، التحقير ، كثرة الواجبات وغير ذلك من الخبرات المؤلمة.{5}

6. تقليد الطفل و محاكاة استجابات الخوف

قد أثبت أن الكثير من حالات القلق والخوف والأعراض النفسية بوجودها عند الآباء فإن أولادهم يقلدون مخاوفهم وسلوكياتهم المرضية. إضافة إلى ذلك اتفق المختصون فـي الطـب النفـسي على أن قلق الانفصال هو الميزة الأساسية الإكلينيكية للفوبيا المدرسية.{4}

7. العودة إلى المدرسة بعد عطلة طويلة

يمكن أن يصاب الطفل بالفوبيا المدرسة بعد راحة طويلة في المنزل بسبب مرض أو إجازة صيفية.

أعراض الفوبيا المدرسية عند الأطفال

تظهر لدى الطفل المصاب بالفوبيا المدرسية بعض العلامات والأعراض. وهي ما يلي :

  • التوسل للغياب.
  • الاضطرابات النفسية الجسدية في الصباح : كالصداع ، وألم المعدة ، والتشنج العضلي ، الدوخة ، وتسرع ضربات القلب.
  • الإفراط في البكاء عند الذهاب للمدرسة.
  • نويات الغضب.
  • الشكاوي المستمرة حول الأقران والمعلمين.
  • أسباب غير واقعية لتجنب الذهاب للمدرسة.

علاج الفوبيا المدرسية عند الأطفال

يبدأ علاج الطفل الذي يعاني من الفوبيا المدرسية بقبول الأسباب التي يبرر بهـا رفـضه الذهاب إلى المدرسة ، فلا نعيده إلى المدرسة بالقسوة أو الضرب أو بالخداع ، لأن المدرسة أصبحت بالنسبة لـه مكانا مخيفاً ، إذ لابد من العلاج النفسي ومن ثم السلوكي ، وهذا يتم على النحو التالي :

1. العلاج بالاستبصار

يقوم هذا العلاج على فهم الطفل الذي يعاني من الفوبيا المدرسـية. ومن ثم يهدف العلاج إلى :

  • تنمية ثقة الطفل بنفسه وتعديل مفهومه عن نفسه.
  • تبصيره بمشاعره تجاه أمه مع تبصير الأم أيضاً بمشاعرها نحوه ومساعدتها على حـل صراعاتها وقلقها على طفلها.
  • تشجيعها على تدريب طفلها على الاعتماد على نفسه والاستقلال عنها.
  • تبصير الطفل بالمشكلة التي يعاني منها وذلك بإشعاره بها وتقبله لها.
  • الاهتمام به للتخفيف عن مخاوفه وقلق الانفصال عن أمه.
  • إشعاره بالأمن والطمأنينة عندما يتواجد في المدرسة.

2. العلاج السلوكي

يقوم على أساس تعديل سلوك الخوف من المدرسة بسلوك الاطمئنان والارتيـاح فيهـا. وهذا يتم عن طريق ما يلي :

مكافأة الطفل على كل سلوك يقو به إلى المدرسة ، ولا يكافأ على أي سلوك يبعده عنهـا حيـث يكافئ على ذهابه إلى المدرسة لفترات قصيرة ، ثم نتدرج معه شيئاً فشيئاً حتى يستطيع البقاء يوماً كاملاً إلى أن يتقبل المدرسة بحد ذاتها.

إلى جانب ذلك يجب تعزيز التلاميذ للقيام بالأنشطة والواجبات المدرسية بصـورة ناجحـة وتعـديل سلوكياتهم وذلك بالابتعاد عن الضرب ، التوبيخ ، والتخويف والسخرية.{3}

المراجع
  • [ عبد اللاوي سعدية / المشكلات النفسية والسلوكية لدى أطفال السنوات الثلاث الأولى ابتدائي / رسالة ماجستير / جامعة مولود معمري / 2012 ]
  1. [ Chiland et Young / L’enfant dans sa famille / le refus de l’école / ére édition / Paris / 1990 / P 16 ]
  2. [ Fontain et All / Clinique de thérapie comportement / édition études vivantes / Paris / 1984 / P 267 ]
  3. [ Marcelli / D / Enfant et psychopatholog / iéme édition / Masson / Paris / 1982 / P 485 ]
  4. [ أحمد محمد الزغبي / الأمراض النفسية والمشكلات السلوكية والدراسية عند الأطفال / دار زهران / عمان / 2001 / ص 59 ]
  5. [ صبري محمد علي / الصحة النفسية والتوافق النفسي / دار المعرفة الجامعية / الأزاريطة / 2004 / ص 303 ]
زر الذهاب إلى الأعلى