كيف يتم ممارسة التأمل؟
تعد ممارسة التأمل أحد أقدم وأبسط التقنيات التي تعمل على زيادة الراحة والسكينة الداخلية. ويرجع تاريخ التأمل إلى آلاف السنين ، حيث كان يُمارس من قبل حكماء الهندوسية والبوذية. وفي العصر الحديث ، أصبحت ممارسة التأمل جزءاً لا يتجزأ من العلاج الطبيعي للعديد من الاضطرابات النفسية والجسدية.
ويتمثل التأمل في توجيه انتباهك بطريقة مركزة باتجاه فكرة أو نقطة تركيز لا تتداخل فيها أي أفكار أخرى. ويهدف إلى تحقيق حالة من الراحة الداخلية والوعي الكامل بالذات. وهناك العديد من طرق التأمل التي يمكن ممارستها ، وهذا ما سوف نتحدث عنه الآن.
كيف يتم ممارسة التأمل؟
هناك عدة طرق لممارسة التأمل ، أهمها :
1- التأمل بالتركيز على التنفس
حيث تركز انتباهك على تنفسك وحركة الهواء الداخل والخارج من رئتيك. يساعد هذا النوع من التأمل في إيقاف تفكيرك المستمر. ويتم ممارسة هذه الطريقة من التأمل من خلال اتباع الخطوات التالية :
- اجلس بشكل مريح ، بوضعية الجلوس أو الاستلقاء. أرخي جسدك من أجل زيادة التركيز.
- ركز انتباهك على تنفسك. وانتبه إلى حركة الهواء داخل وخارج رئتيك.
- ابدأ بالتنفس ببطء بما يكفي للتركيز على التنفس بدون أي مجهود.
- لاحظ الهواء وهو يدخل ويخرج من أنفك وفمك. وحاول أن تشعر بهذا الهواء بزوال كل التفكير.
- إذا شعرت بأفكار تخطر ببالك ، دعها تزول ثم عد للتركيز على التنفس مرة أخرى.
ابدأ بممارسة هذه الطريقة بمدة قصيرة 5-10 دقائق في اليوم ، ومن ثم زدها تدريجياً. في البداية سيكون التركيز صعباً ، ولكن مع الممارسة المنتظمة ، سوف تصبح قادراً على تطبيق هذه الطريقة بسهولة.
2. التأمل المركز على بذل الجهد
يتمثل في التركيز الكامل على النشاط الذي تقوم به في لحظة القيام به وبذل القدر المناسب من الجهد الكافي لإتمامه. ويتم تطبيقه باتباع الخطوات التالية :
- اختر نشاطاً تقوم به. مثل المشي أو تنظيف الأسنان أو حتى تناول الطعام.
- تناول هذا النشاط بتركيز كامل ، دون التفكير في أي شيء آخر.
- لاحظ كيفية تحريك جسدك ، والعضلات التي تعمل ، والأجزاء المختلفة من جسمك المشاركة في هذا النشاط.
- ركز على بذل الجهد المناسب لإنجاز هذا النشاط. على أن لا يكون هذا الجهد مبالغاً فيه ولا قليل.
- استخدم جميع حواسك. إذا كنت تأكل ، تذوق الطعام بتركيز. إذا كنت تتحدث ، انتبه إلى نبرة صوتك.
- في حال انحرفت أفكارك ، ركز مرة أخرى ببساطة على النشاط.
3. التأمل المرءِ
يتمثل في تركيز انتباهك على صورة ذهنية أو مشهد. ويجب أن تكون الصورة أو المشهد مليء بالتفاصيل وواضح. ويتم ممارسة هذا النوع من التأمل باتباع الخطوات التالية :
- اجلس براحة واغلق عينيك.
- تخيل صورة بسيطة مثل قطعة من السماء الزرقاء ، أو وردة ، أو شجرة.
- ركز على التفاصيل. تخيل شكل ونمط السحاب ، أو لون الوردة ورائحتها ، أو أوراق الشجرة وكيف تتحرك بالريح.
- إذا انحرفت أفكارك ، عد ببساطة إلى الصورة الذهنية.
- واصل إضافة المزيد من التفاصيل للصورة عندما تشعر باستقرار الصورة في ذهنك. أضف إليها أصواتاً أو رائحة.
- بعد فترة وجيزة من 10- 20 دقيقة ، افتح عينيك واترك الصورة.
يفيد هذا النوع من التأمل في تهدئة العقل وزيادة التركيز والحد من القلق. ومع استمرار الممارسة يمكنك أيضاً إضافة عواطف إلى الصورة لزيادة عمق تجربة التأمل.
3. التأمل المدروس
التأمل المدروس هو قراءة نص قصير (قصيدة ، آية من القرآن ، نص أدبي …) بطريقة متأملة. ينطوي على قراءة بطيئة تركز على كل كلمة وكل جملة ، مع التفكير في المعاني والتفاصيل الدقيقة. ويتم تطبيقه باتباع الخطوات التالية :
- اختر نصاً قصيراً يتكون من 5-10 جمل. مثل قصيدة جميلة أو آية من القرآن الكريم.
- اجلس بوضعية مريحة ( الجلوس أو الاستلقاء ) واغلق عينيك.
- بدأ بقراءة بطيئة جداً للجملة الأولى. لاحظ كل كلمة ، ومعانيها ، وظلال المعاني المختلفة.
- تأمل في الجملة لبضع ثوانٍ. وتخيلها في عقلك.
- انتقل إلى الجملة التالية ، وركز على كل كلمة ومعناها بنفس الطريقة.
- واصل حتى تنتهي من كل النص. ثم اقرأه مرة أخرى ، لكن ببطء أكبر بعد أن أصبحت أكثر تعوداً عليه.
- تأمل المجموع ككل. ما الذي يحاول النص إيصاله إليك من رسالة أو معنى؟
4. التأمل الصوتي
التأمل الصوتي هو استخدام الصوت والموسيقى كنقطة تركيز أثناء التأمل. وفي ما يلي خطوات ممارسة التأمل الصوتي :
- اختر مقطعاً موسيقياً قصيراً من 2-3 دقائق تشعر عند سماعه بالهدوء.
- اجلس بوضع مريح واغلق عينيك.
- استمع إلى الموسيقى بتركيز كلي. ركز على الإيقاع واللحن.
- راقب كيف تجعلك الموسيقى تشعر. هل هي مريحة؟ هادئة؟ مليئة بالحياة؟
- إذا تشتتت أفكارك ، ركز مرة أخرى تماماً على الموسيقى.
- ومن ثم لاحظ التوقفات التي تحدث بين الأصوات الموسيقية. هل تعطيك شعوراً بالاسترخاء؟
- بعد أن تنتهي الموسيقى ، تأمل للحظات قبل أن تفتح عينيك وتعود إلى الوعي التام.
تعد الموسيقى جيدة خاصة للتأمل لأنها تهدئ وترخي العقل والجسد. ولكن يمكن استخدام أي صوت مثل صوت الأمطار أو الرياح لممارسة التأمل. المطلوب هو التركيز الكامل على الصوت في ذلك الوقت.
5. التأمل الاستبطاني
التأمل الاستبطاني هو نوع من التأمل ينطوي على التأمل الداخلي والتفكر العميق. تدور ممارسته حول استكشاف الذات واكتشاف الحقائق الداخلية. وتتم ممارسته باتباع الخطوات التالية :
- اجلس بمكان ووضعية مريحة واغلق عينيك. وابدأ بالتنفس بعمق لتهدئة عقلك.
- ضع أسئلة وتعليقات داخلية. على سبيل المثال “ما هو أهم شيء أحتاج إلى تذكره الآن؟ ما هي أكثر النصائح حكمة أحتاج أن أسمعها؟
- ثم اسمح لأفكارك ومشاعرك أن تنتشر دون قيود. لا تحاول توجيهها أو تغييرها. ببساطة سمح لها أن تأتي.
- سجل أي أفكار تأتي إلى ذهنك. قد تكون وصفاً لمشاعرك ، أو كلمات حكمة ، أو رؤى داخلية.
- لا تحكم على الأفكار أو المشاعر التي تأتيك. ليس هناك شيء “صحيح” أو “خاطئ”.
- ناقش الأفكار التي تأتي إلى ذهنك بعد أن تنتهي تجربة التأمل. هل تستطيع أن تستخلص بعض العبر منها؟
يساعد التأمل الاستبطاني في تطوير الوعي الذاتي والاتصال الداخلي. وعند ممارسته بانتظام ، يمكن أن تكتشف حقائق ذات مغزى عن نفسك.
تحتاج ممارسة التأمل إلى انتظام ومتابعة ، للحصول على النتائج المنتظرة ، وللمبتدأين ينصح بالبدء في ممارسته لمدة 5-10 دقائق ، ومن ثم زيادة المدة عند زيادة قدرة الممارس على ضبط نفسه خلال التأمل.
